لِجَارَتِهَا الْمَوْجُودَ عِنْدَهَا لِاسْتِقْلَالِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَجُودَ لَهَا بِمَا تَيَسَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ وَذَكَرَ الْفِرْسِنَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ لِلْمُهْدَى إِلَيْهَا وَأَنَّهَا لَا تَحْتَقِرُ مَا يُهْدَى إِلَيْهَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى
وَفِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى التَّهَادِي وَلَوْ بِالْيَسِيرِ لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِجْلَابِ الْمَوَدَّةِ وَإِذْهَابِ الشَّحْنَاءِ وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى أَمْرِ الْمَعِيشَةِ وَالْهَدِيَّةُ إِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً فَهِيَ أَدَلُّ عَلَى الْمَوَدَّةِ وَأَسْقَطُ لِلْمُؤْنَةِ وَأَسْهَلُ عَلَى الْمُهْدِي لِإِطْرَاحِ التَّكَلُّفِ وَالْكَثِيرُ قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ كُلَّ وَقْتٍ وَالْمُوَاصَلَةُ بِالْيَسِيرِ تَكُونُ كَالْكَثِيرِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (أَبُو مَعْشَرٍ اسْمُهُ نَجِيحٌ إِلَخْ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّنْدِيُّ الْمَدَنِيُّ أَبُو مَعْشَرٍ وَهُوَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ أَسَنَّ وَاخْتَلَطَ مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَيُقَالُ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْهِلَالِ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ في أول الهبة من طريق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصدر الحديث
وقال غريب وأبو معشر يضعف
وَقَالَ الطَّرْقِيُّ إِنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَذَا قَالَ وَقَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ نَعَمْ مَنْ زَادَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ أَحْفَظُ وَأَضْبَطُ فَرِوَايَتُهُمْ أَوْلَى انْتَهَى
(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)
قَوْلُهُ [٢١٣١] (مَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ في الهبة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute