(بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ)
أَيْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ هُنَا الْإِتْيَانُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِي قَوْلِهَا وَالْإِكْثَارُ مِنْهَا مِثْلِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَهِيَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَمَا يَلْتَحِقُ بِهَا مِنَ الْحَوْقَلَةِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَسْبَلَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيُطْلَقُ ذِكْرُ اللَّهِ أَيْضًا وَيُرَادُ بِهِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا أَوْجَبَهُ أَوْ نَدَبَ إِلَيْهِ كَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ وَالتَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ الذِّكْرُ يَقَعُ تَارَةً بِاللِّسَانِ وَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ النَّاطِقُ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْضَارُهُ لِمَعْنَاهُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَلَّا يُقْصَدَ بِهِ غَيْرُ مَعْنَاهُ ولمن انْضَافَ إِلَى النُّطْقِ الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ فَهُوَ أَكْمَلُ فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ اسْتِحْضَارُ مَعْنَى الذِّكْرِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِ النَّقَائِصِ عَنْهُ ازْدَادَ كَمَالًا فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ مَهْمَا فُرِضَ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ جِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ازْدَادَ كَمَالًا فَإِنْ صَحَّحَ التَّوْبَةَ وَأَخْلَصَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَهُوَ أَبْلَغُ الْكَمَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
[٣٣٧٥] قَوْلُهُ (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ) بْنِ حُضَيْرٍ الحضرمي (عن عمرو بن قيس) الكندي السكوئي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ الْمَازِنِيِّ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَقِيلَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَلَهُ مِائَةُ سَنَةٍ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالشَّامِ مِنَ الصَّحَابَةِ
قَوْلُهُ (إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ) قَالَ الطِّيبِيُّ الشَّرِيعَةُ مَوْرِدُ الْإِبِلِ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَالْمُرَادُ مَا شَرَعَ اللَّهُ وَأَظْهَرَهُ لِعِبَادِهِ من الفرائض والسنن انتهى
قال القارىء الظاهر أن المراد بها هنا النوافل لقوله (قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَيُفْتَحُ أَيْ غَلَبَتْ عَلَيَّ بِالْكَثْرَةِ حَتَّى عَجَزْتُ عَنْهَا لِضَعْفِي (فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ التَّنْكِيرُ فِي بِشَيْءٍ لِلتَّقْلِيلِ الْمُتَضَمِّنِ لِمَعْنَى التَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَرِضْوَانٌ من الله أكبر وَمَعْنَاهُ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يَسِيرٍ مُسْتَجْلِبٍ لِثَوَابٍ كَثِيرٍ قال القارىء وإلا ظهر أَنَّ التَّنْوِينَ لِمُجَرَّدِ التَّنْكِيرِ انْتَهَى
قُلْتُ بَلِ الْأَظْهَرُ هُوَ مَا قَالَ الطِّيبِيُّ فَتَأَمَّلْ (أَتَشَبَّثُ بِهِ) أَيْ أَتَعَلَّقُ بِهِ وَأَسْتَمْسِكُ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَتْرُكُ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ رَأْسًا بَلْ طَلَبَ مَا يَتَشَبَّثُ بِهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ عَنْ سَائِرِ مَا لَمْ يُفْتَرَضْ عَلَيْهِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ قَالَ لَا يَزَالُ أَيْ هُوَ أَنَّهُ لَا يَزَالُ (لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) أَيْ طَرِيًّا مُشْتَغِلًا قَرِيبَ الْعَهْدِ مِنْهُ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute