٤٠ - (بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّخَاءِ)
بِفَتْحِ السِّينِ
وَهُوَ إِعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي وَبَذْلُ مَا يُقْتَنَى بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ بَلْ هُوَ مِنْ أَعْظَمِهَا وَالْبُخْلُ ضِدُّهُ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
قَوْلُهُ [١٩٦٠] (حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ) بْنِ مَرْوَانَ السَّعْدِيُّ أَبُو صَالِحٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّامِنَةِ (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ
قَوْلُهُ (إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ شَيْءٍ) وَفِي رواية للبخاري مالي مَالٌ (إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (الزبير) هو بن الْعَوَّامِ كَانَ زَوْجَهَا (أَفَأُعْطِي) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَفَأَتَصَدَّقُ (لَا تُوكِي) مِنْ أَوْكَى يُوكِي إِيكَاءً يُقَالُ أَوْكَى مَا فِي سِقَائِهِ إِذَا شَدَّهُ بالوكاء وهو الخيط الذي يشد به رأس الْقِرْبَةِ وَأَوْكَى عَلَيْنَا أَوْ بَخَلَ (فَيُوكَى عَلَيْكَ) بِفَتْحِ الْكَافِ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَيُوكِي اللَّهُ عَلَيْكَ
قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لَا تَدَّخِرِي وَتَشُدِّي مَا عِنْدَكِ وَتَمْنَعِي مَا فِي يَدِكِ فَتَنْقَطِعَ مَادَّةُ الرِّزْقِ عَنْكِ انْتَهَى
فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ تُنَمِّي الْمَالَ وَتَكُونُ سَبَبًا إِلَى الْبَرَكَةِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ وَأَنَّ مَنْ شَحَّ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ فَإِنَّ اللَّهَ يُوكِي عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ مِنَ الْبَرَكَةِ فِي مَالِهِ وَالنَّمَاءِ فِيهِ (يَقُولُ لَا تُحْصِي فَيُحْصَى عَلَيْكَ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ لَا تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْكَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَضَمِيرُ يَقُولُ رَاجِعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنْفِقِي وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّهُ عَلَيْكِ وَلَا تُوعِي فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْكِ
قَالَ الْحَافِظُ الْإِحْصَاءُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الشَّيْءِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمَعْنَى النَّهْيُ عَنْ مَنْعِ الصَّدَقَةِ خَشْيَةَ النَّفَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ الْأَسْبَابِ لِقَطْعِ مَادَّةِ الْبَرَكَةِ لِأَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَلَى الْعَطَاءِ بِغَيْرِ حِسَابٍ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِحْصَاءِ عَدُّ الشَّيْءِ لِأَنْ يُدَّخَرَ وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ وَإِحْصَاءُ اللَّهِ قَطْعُ الْبَرَكَةِ عَنْهُ أَوْ حَبْسُ بِمَادَّةِ الرِّزْقِ أَوِ الْمُحَاسِبَةُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ