للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّهُ تَارَةً وَيَصُومُ مُعْظَمَهُ أُخْرَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ وَاجِبٌ كُلُّهُ كَرَمَضَانَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهَا كُلَّهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ مِنْ أَوَّلِهِ تَارَةً وَمِنْ آخِرِهِ أُخْرَى وَمِنْ أَثْنَائِهِ طُورًا فَلَا يُخَلِّي شَيْئًا مِنْهُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا يَخُصُّ ببعضه بِصِيَامٍ دُونَ بَعْضٍ

وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ عَائِشَةَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ وَإِمَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّ قَوْلَهَا الثَّانِيَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ فَأَخْبَرَتْ عَنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ أَكْثَرَ شَعْبَانَ وَأَخْبَرَتْ ثَانِيًا عَنْ آخِرِ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَسَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْهَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَلَفْظُهُ وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ غَيْرَ رَمَضَانَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ

وَاخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَةِ فِي إِكْثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَوْمِ شَعْبَانَ عَلَى أَقْوَالٍ قَدْ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي تَأْيِيدِ بَعْضِهَا بَعْضَ الْأَحَادِيثِ الضِّعَافِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ أَصَحَّ مِمَّا مضى أخرجه النسائي وأبو داود وصححه بن خُزَيْمَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وَأَنَا صَائِمٌ وَنَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى لَكِنْ قَالَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ كُلَّ نَفْسٍ مَيِّتَةٍ تِلْكَ السَّنَةَ فَأُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَنِي أَجَلِي وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَكَذَا مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ بِأَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ تِلْكَ الْأَيَّامَ فِي صِيَامٍ اعْتَادَهُ انْتَهَى

٨ - (باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي)

مِنْ شَعْبَانَ لِحَالِ رَمَضَانَ [٧٣٨] قَوْلُهُ (إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ وَفِي رِوَايَةٍ فَلَا صِيَامَ حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ

قَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ رَحْمَةً عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ يَضْعُفُوا عَنْ حَقِّ الْقِيَامِ بِصِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى وَجْهِ النَّشَاطِ

وَأَمَّا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ كُلِّهُ فَيَتَعَوَّدُ بِالصَّوْمِ وَيَزُولُ عَنْهُ الْكُلْفَةُ وَلِذَا قَيَّدَهُ بِالِانْتِصَافِ أَوْ نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّقَدُّمِ وَاَللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>