للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ الْهِجْرَةِ

٧ - (بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ)

قَوْلُهُ [٢٠٢٤] (سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ شَيْئًا (فَأَعْطَاهُمْ) أَيْ إِيَّاهُ (ثُمَّ سَأَلُوا فَأَعْطَاهُمْ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ حَتَّى نَفَذَ مَا عِنْدَهُ (فَقَالَ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ) أَيْ مَالٍ وَمِنْ بَيَانٌ لِمَا وَمَا خَبَرِيَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِلشَّرْطِ أَيْ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ مَوْجُودٌ عِنْدِي أُعْطِيكُمْ (فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ) أَيْ أَحْبِسُهُ وَأَخْبَؤُهُ وَأَمْنَعُكُمْ إِيَّاهُ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْكُمْ (وَمَنْ يَسْتَغْنِ) أَيْ يُظْهِرِ الْغِنَى بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَالتَّعَفُّفِ عَنِ السُّؤَالِ حَتَّى يَحْسِبُهُ الْجَاهِلُ غَنِيًّا مِنَ التَّعَفُّفِ (يُغْنِهِ اللَّهُ) أَيْ يَجْعَلُهُ غَنِيًّا أَيْ بِالْقَلْبِ فَفِي الْحَدِيثِ لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ

أَوْ يُعْطِيهِ مَا يُغْنِيهِ عَنِ الْخَلْقِ (وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الِاسْتِعْفَافُ طَلَبُ الْعَفَافِ وَالتَّعَفُّفُ وَهُوَ الْكَفُّ عَنِ الْحَرَامِ وَالسُّؤَالِ مِنَ النَّاسِ أَيْ مِنْ طَلَبِ الْعِفَّةِ وَتَكَلُّفِهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا وَقِيلَ الِاسْتِعْفَافُ الصَّبْرُ وَالنَّزَاهَةُ عَنِ الشَّيْءِ يُقَالُ عَفَّ يَعِفُّ عِفَّةً فَهُوَ عَفِيفٌ انْتَهَى (يُعِفَّهُ اللَّهُ) أَيْ يَجْعَلُهُ عَفِيفًا مِنَ الْإِعْفَافِ وَهُوَ إِعْطَاءُ الْعِفَّةِ وَهِيَ الْحِفْظُ عَنِ الْمَنَاهِي يَعْنِي مَنْ قَنَعَ بِأَدْنَى قُوتٍ وَتَرَكَ السُّؤَالَ تَسْهُلُ عَلَيْهِ الْقَنَاعَةُ وَهِيَ كَنْزٌ لَا يَفْنَى

وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ يُعِفُّهُ مِنَ الْإِعْفَافِ وَبِفَتْحِ فَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَضَمَّهُ بَعْضٌ إِتْبَاعًا بِضَمِّ الْهَاءِ انْتَهَى

(وَمَنْ يَتَصَبَّرْ) أَيْ يَطْلُبْ تَوْفِيقَ الصَّبْرِ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلا بالله

أَوْ يَأْمُرُ نَفْسَهُ بِالصَّبْرِ وَيَتَكَلَّفُ فِي التَّحَمُّلِ عَنْ مَشَاقِّهِ وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ لِأَنَّ الصَّبْرَ يَشْتَمِلُ عَلَى صَبْرِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْبَلِيَّةِ أَوْ مَنْ يَتَصَبَّرْ عَنِ السُّؤَالِ وَالتَّطَلُّعِ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ بِأَنْ يَتَجَرَّعَ مَرَارَةَ ذلك ولا يشكو الْجُمَلُ مُؤَكِّدَاتٌ وَيُؤَيِّدُ إِرَادَةَ مَعْنَى الْعُمُومِ قَوْلُهُ (وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ شَيْئًا هُوَ خَيْرٌ) أَيْ أفضل (وأوسع من الصبر) قال القارىء وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَامَ الصَّبْرِ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِمَكَارِمِ الصِّفَاتِ وَالْحَالَاتِ وَلِذَا قُدِّمَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>