١٥ - (باب ما جاء في كراهية الحلف بغير ملة الإسلام)
في بَعْضِ النُّسَخِ بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَفِي بَعْضِهَا بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ
[١٥٤٣] قَوْلُهُ (عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ) هُوَ أَبُو يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَهُوَ صَغِيرٌ ومات في فتنة بن الزُّبَيْرِ
قَوْلُهُ (مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ وَهِيَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّهُ جَمِيعُ الْمِلَلِ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَنَحْوِهَا (غَيْرِ الْإِسْلَامِ) بِالْجَرِّ صِفَةُ مِلَّةٍ (كَاذِبًا) أَيْ فِي حَلِفِهِ (فَهُوَ كَمَا قَالَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ التَّهْدِيدَ وَالْمُبَالَغَةَ فِي الْوَعِيدِ لَا الْحُكْمَ كَأَنْ قَالَ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مِثْلَ عَذَابِ مَنِ اعْتَقَدَ مَا قَالَ وَنَظِيرُهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ أَيِ اسْتَوْجَبَ عُقُوبَةَ مَنْ كفر
وقال بن الْمُنْذِرِ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى أكفر بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَذِبَ الْمُعَظِّمِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ وَقَالَ اخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ ونحوه إن فعلت ثم فعل فقال بن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ كَافِرًا إِلَّا إِنْ أَضْمَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ هُوَ يَمِينٌ وَعَلَيْهِ الكفارة
قال بن الْمُنْذِرِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من حلف باللات وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةً زَادَ غَيْرُهُ وَكَذَا قَالَ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ فَأَرَادَ التَّغْلِيظَ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَجْتَرِئَ أحد عليه
قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَلِفُ بِالشَّيْءِ حَقِيقَةً هُوَ الْقَسَمُ بِهِ وَإِدْخَالُ بَعْضِ حُرُوفِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالشَّيْءِ يَمِينٌ كَقَوْلِهِمْ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الْحَلِفَ لِمُشَابَهَتِهِ لِلْيَمِينِ فِي اقْتِضَاءِ الْحِنْثِ أَوِ الْمَنْعِ
وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَعْنَى الثَّانِي لِقَوْلِهِ كَاذِبًا وَالْكَذِبُ يُدْخِلُ الْقَضِيَّةَ الْإِخْبَارِيَّةَ الَّتِي يَقَعُ مُقْتَضَاهَا تَارَةً وَلَا يَقَعُ أُخْرَى وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِنَا وَاللَّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَيْسَ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ أَمْرٍ خَارِجِيٍّ بَلْ هِيَ لِإِنْشَاءِ الْقَسَمِ فَتَكُونُ صُورَةُ الْحَلِفِ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ إِنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ
وَالثَّانِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي كَقَوْلِهِ إِنْ كَانَ