للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الْحَدِيثَ كَشَفَ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَوَّلُ وَيُعَضِّدُهُ مَدْحُ الْقُرْآنِ بِالْكَرَمِ وَبِكَوْنِهِ ثَابِتًا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِكَوْنِهِ لَا يَمَسُّهُ مُرَتَّبًا عَلَى الْوَصْفَيْنِ الْمُتَنَاسِبَيْنِ لِلْقُرْآنِ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ

تَنْبِيهٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ مَسِّ الْقُرْآنِ لغير المتوضىء مَا لَفْظُهُ رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وبن حِبَّانَ وَهُوَ مَعْلُولٌ انْتَهَى

قَالَ صَاحِبُ السُّبُلِ وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعْلُولٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَهُوَ متفق على تركه كما قاله بن حَزْمٍ وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْيَمَانِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ وَكِتَابُ عَمْرِو بن حزم تلقاه الناس بالقبول قال بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ لَا أَعْلَمُ كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَإِنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَيَدَعُونَ رَأْيَهُمْ وَقَالَ الْحَاكِمُ قَدْ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِمَامُ عَصْرِهِ الزُّهْرِيُّ بِالصِّحَّةِ بِهَذَا الْكِتَابِ

وَفِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ قَالَ الْهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ مَوْثُوقُونَ وَذَكَرَ لَهُ شَاهِدَيْنِ انْتَهَى

١١ - (بَاب مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ يُصِيبُ الْأَرْضَ)

[١٤٧] قَوْلُهُ (دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْأَعْرَابِ وَهُمْ سُكَّانُ الْبَوَادِي وَوَقَعَتِ النِّسْبَةُ إِلَى الْجَمْعِ دُونَ الْوَاحِدِ

فَقِيلَ أَعْرَابِيٌّ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْقَبِيلَةِ كَأَنَّهَا وَاحِدٌ لِأَنَّهُ لَوْ نُسِبَ إِلَى الْوَاحِدِ وَهُوَ عَرَبٌ لَقِيلَ عَرَبِيٌّ فَيُشْتَبَهُ الْمَعْنَى

لِأَنَّ الْعَرَبِيَّ كُلُّ مَنْ هُوَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَوَاءٌ كَانَ سَاكِنًا فِي الْبَادِيَةِ أَوْ بِالْقُرَى وَهَذَا غَيْرُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ

وَقَدْ جَاءَ فِي تَسْمِيَةِ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ وَتَعْيِينِهِ رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَمْ أَرَ فِي هَذَا رِوَايَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَنِ الْكَلَامِ

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَتَى السَّاعَةُ فَقَالَ لَهُ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا فَقَالَ لَا وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلَاةٍ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>