للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥ - (بَاب مَا جَاءَ فِي التَّبَاغُضِ)

قَوْلُهُ [١٩٣٧] (إِنَّ الشَّيْطَانَ) يَحْتَمِلُ الْجِنْسَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِبْلِيسُ رَئِيسُهُمْ (قَدْ أَيِسَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَيِسَ مِنْهُ كَسَمِعَ إِيَاسًا قَنِطَ انْتَهَى

أَيْ يَئِسَ وَصَارَ مَحْرُومًا (أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ) أَيْ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مسلم في جزيرة العرب قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ اخْتَصَرَ الْقَاضِي كَلَامَ الشُّرَّاحِ

وَقَالَ عِبَادَةُ الشَّيْطَانِ عِبَادَةُ الصَّنَمِ لِأَنَّهُ الْآمِرُ بِهِ وَالدَّاعِي إِلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَا أَبَتِ لَا تعبد الشيطان وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّينَ الْمُؤْمِنُونَ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ

سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَشْرَفُ الْأَعْمَالِ وَأَظْهَرُ الْأَفْعَالِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ

وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَيِسَ مِنْ أَنْ يَعُودَ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عِبَادَةِ الصَّنَمِ وَيَرْتَدَّ إِلَى شِرْكِهِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ ارْتِدَادُ أَصْحَابِ مُسَيْلِمَةَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنِ ارْتَدُّوا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوا الصنم انتهى

قال القارىء وَفِيهِ أَنَّ دَعْوَةَ الشَّيْطَانِ عَامَّةٌ إِلَى أَنْوَاعِ الْكُفْرِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِعِبَادَةِ الصَّنَمِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُصَلِّينَ لَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ كَمَا فَعَلَتْهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى انْتَهَى (وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ فِي التَّحْرِيشِ أَوْ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ يَسْعَى فِي التَّحْرِيشِ (بَيْنَهُمْ) أَيْ فِي إِغْرَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَالتَّحْرِيضِ بِالشَّرِّ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَتْلٍ وَخُصُومَةٍ

وَالْمَعْنَى لَكِنَّ الشَّيْطَانَ غَيْرُ آيِسٍ مِنْ إِغْرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَمْلِهِمْ عَلَى الْفِتَنِ بَلْ لَهُ هُوَ مَطْمَعٌ فِي ذَلِكَ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ النَّبَوِيَّةِ وَمَعْنَاهُ آيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ أَهْلُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ

وَلَكِنَّهُ يَسْعَى فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ بِالْخُصُومَاتِ وَالشَّحْنَاءِ وَالْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ (وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>