وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَجْلِسُونَ فِيهَا مُتَسَاوِينَ إِمَّا بَيْنَ يَدَيِ الْكَبِيرِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ كُلُّهُمْ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ حَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِمْ فَتُخَصُّ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ عُمُومِ تَقْدِيمِ الْأَيْمَنِ أَوْ يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ هذه الْأَمْرِ بِالْبُدَاءَةِ بِالْكَبِيرِ أَمَّا إِذَا جَلَسَ بَعْضٌ عَنْ يَمِينِ الرَّئِيسِ وَبَعْضٌ عَنْ يَسَارِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقَدَّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَفْضُولُ عَلَى الْفَاضِلِ
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَيْمَنَ مَا امْتَازَ لِمُجَرَّدِ الْجُلُوسِ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى بَلْ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا يَمِينَ الرَّئِيسِ فَالْفَضْلُ إِنَّمَا فَاضَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَفْضَلِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ بن عباس وسهل بن سعد وبن عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ) أَمَّا حَدِيثُ بن عباس فأخرجه أحمد والترمذي في الدعوات وبن مَاجَهْ وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْغُلَامُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي منك احدا
قال فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يده
وأما حديث بن عُمَرَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ
٠ - (بَاب مَا جَاءَ أَنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا)
قَوْلُهُ [١٨٩٤] (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو خَالِدٍ الْمَدَنِيُّ
قَوْلُهُ (سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِمَنْ تَوَلَّى سِقَايَةَ قَوْمٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِي الشُّرْبِ حَتَّى يَفْرُغُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ إِصْلَاحِهِمْ عَلَى مَا يَخُصُّ نَفْسَهُ وَأَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ إِصْلَاحَ حَالِهِمْ وَجَرَّ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِمْ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ عَنْهُمْ وَالنَّظَرَ لَهُمْ فِي دِقِّ أُمُورِهِمْ وَجُلِّهَا وَتَقْدِيمَ مَصْلَحَتِهِمْ عَلَى مَصْلَحَتِهِ وَكَذَا مَنْ يُفَرِّقُ عَلَى الْقَوْمِ فَاكِهَةً فَيَبْدَأُ بِسَقْيِ كَبِيرِ الْقَوْمِ أَوْ بِمَنْ عَنْ يَمِينِهِ إِلَى آخِرِهِمْ وَمَا بَقِيَ شُرْبُهُ
وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ لِأَنَّ ذَاكَ عَامٌّ وَهَذَا خَاصٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute