٦٩ - (بَاب مَا جَاءَ فِي خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
قَوْلُهُ [٢٠١٥] (خَدَمْتُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنَصَرَ (عَشْرَ سِنِينَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ تِسْعَ سِنِينَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تِسْعُ سِنِينَ وَأَشْهُرٌ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ تَحْدِيدًا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ وَخَدَمَهُ أَنَسٌ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الْأُولَى فَفِي رِوَايَةِ التِّسْعِ لَمْ يَحْسِبِ الْكَسْرَ بَلِ اعْتَبَرَ السِّنِينَ الْكَوَامِلَ
وَفِي رِوَايَةِ الْعَشْرِ حَسَبَهَا سَنَةً كَامِلَةً وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ انْتَهَى
(فَمَا قَالَ لِي أُفِّ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ مُنَوَّنَةً وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ وَفِيهَا لُغَاتٌ كَثِيرَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ذَكَرَ الْقَاضِيَ وَغَيْرُهُ فِيهَا عَشْرَ لُغَاتٍ أُفِّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا بِلَا تَنْوِينٍ وَبِالتَّنْوِينِ فَهَذِهِ سِتٌّ وَأُفْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَإِفَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَأُفِّي وَأُفِّهِ بِضَمِّ هَمْزَتِهِمَا قَالُوا وَأَصْلُ الْأُفِّ وَالتُّفِّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ وَتُسْتَعْمَلُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي كُلِّ مَا يُسْتَقْذَرُ وَهِيَ اسْمُ فِعْلٍ تُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُذَكَّرِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ اللَّهُ تعالى ولا تقل لهما أف
قَالَ الْهَرَوِيُّ يُقَالُ لِكُلِّ مَا يُضْجَرُ مِنْهُ وَيُسْتَثْقَلُ أُفٍّ لَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الِاحْتِقَارُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْأَنْفِ وَهُوَ الْقَلِيلُ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ أُفِّ كَلِمَةُ تَكَرُّهٍ وَأَفَّفَ تَأْفِيفًا وَتَأَفَّفَ قَالَهَا وَلُغَاتُهَا أَرْبَعُونَ
ثُمَّ ذَكَرَهَا (وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ) يَعْنِي لَمْ يَقُلْ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لم أصنعته وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ وَكُنْتُ مَأْمُورًا بِهِ لِمَ لَا صَنَعْتَهُ
وَاعْلَمْ أَنَّ تَرْكَ اعْتِرَاضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَا خَالَفَ أَمْرَهُ إِنَّمَا يُفْرَضُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْآدَابِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الِاعْتِرَاضِ فِيهِ
وَفِيهِ أَيْضًا مَدْحُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ أَمْرًا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِرَاضٌ مَا (وَمَا مَسِسْتُ) بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى وَيُفْتَحُ (خَزًّا) قال في النهاية الخز المعروف أولا ثِيَابٌ تُنْسَجُ مِنْ صُوفٍ وَإِبْرَيْسَمَ وَهِيَ مُبَاحَةٌ وَقَدْ لَبِسَهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَيَكُونُ النَّهْيُ عَنْهَا لِأَجْلِ التَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ وَزِيِّ الْمُتْرَفِينَ
وَإِنْ أُرِيدَ بِالْخَزِّ النَّوْعُ الْآخَرُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ فَهُوَ حَرَامٌ
لِأَنَّ جَمِيعَهُ مَعْمُولٌ مِنَ الْإِبْرَيْسَمِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ قَوْمٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ