٢ - (باب وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)
هِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قوله الْأَكْثَرِ وَقِيلَ مَدَنِيَّةٌ وَقِيلَ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بمكة ومرة بالمدينة
قال بن كَثِيرٍ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ بِالِاتِّفَاقِ
قَوْلُهُ (مَنْ صَلَّى) إِمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ مُنْفَرِدًا (صَلَاةً) جَهْرِيَّةً كَانَتْ أَوْ سَرِيَّةً فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً (لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَيْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
قَالَ النَّوَوِيُّ أُمُّ الْقُرْآنِ اسْمُ الْفَاتِحَةِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهَا فَاتِحَتُهُ كَمَا سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَصْلُهَا (فَهِيَ خِدَاجٌ) أَيْ نَاقِصٌ نَقْصَ فَسَادٍ وَبُطْلَانٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْخِدَاجِ فِي بَاب مَا جَاءَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ (غَيْرُ تَمَامٍ) بَيَانُ خِدَاجٍ أَوْ بَدَلٌ منه
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا مِنْ نُقْصَانِ صَلَاتِهِ فَهُوَ مُبَيِّنٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا نَفْيُ الْكَمَالِ لَا نَفْيُ الصِّحَّةِ فَبَطَلَ قَوْلُ بن حَجَرٍ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَبِنَفْيِ لَا صَلَاةَ نَفْيُ صِحَّتِهَا لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ وَدَلِيل ذَلِكَ أَحَادِيثُ لَا تَقْبَلُ تأويلا منها خبر بن خزيمة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صِحَاحِهِمْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَا تجزىء صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَفِيهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجْزَاءِ الْكَامِلِ انتهى ما في المرقاة
قلت حديث بن خزيمة وبن حبان والحاكم بلفظ لا تجزىء صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِدَاجِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نُقْصَانُ الذَّاتِ أَعْنِي نُقْصَانَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ نَفْيُ الصِّحَّةِ وأما قول القارىء إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجْزَاءِ الْكَامِلِ فَغَلَطٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدِ الْإِجْزَاءِ إِلَّا الْفَسَادُ والبطلان فماذا بعد الحق إلا الضلال
وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَحَلِّهَا وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ فِيهَا فِي كِتَابِنَا أَبْكَارُ الْمِنَنِ فِي نَقْدِ آثَارِ السُّنَنِ (إِنِّي أَحْيَانَا أَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ) أَيْ فَهَلْ أَقْرَأُ أَمْ لَا (قال يا بن الفارسي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute