الْبَابِ
وأَمَّا مَنْ رَخَّصَ فِي التَّفْرِيقِ مُطْلَقًا فَأَحَادِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ
اعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اسْتُدِلَّ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دواد عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا
الْحَدِيثَ
وفِيهِ قَالَ فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وفِيهِمْ امْرَأَةٌ مِنْ فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ وَأَجْمَلِهِ فَنَفَلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ثُمَّ بِتُّ فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا
وفِيهِ فَقُلْتُ هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وفِي أَيْدِيهِمْ أَسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَفَدَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي جواز التفريق بعد البلوغ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ قَوْلُهُ فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْجِمَاعِ
والظَّاهِرُ أَنَّ الْبِنْتَ قَدْ كَانَتْ بَلَغَتْ قَالَ وَقَدْ حَكَى فِي الْغَيْثِ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ الْمُسْتَنَدُ لَا هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ كَوْنَ بُلُوغِهَا هُوَ الظَّاهِرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ذَلِكَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ
وقَدْ اسْتُدِلَّ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبَالِغِينَ بِمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ بِلَفْظِ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا قِيلَ إِلَى مَتَى قَالَ حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ
وهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمَطْلُوبِ صَرِيحٌ لَوْلَا أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْوَاقِفِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ رَمَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بِالْكَذِبِ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرُهُ
وقَدْ اسْتَشْهَدَ لَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِحَدِيثِ سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ
ولَا شَكَّ أَنَّ مَجْمُوعَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْإِجْمَاعِ وَحَدِيثِ سَلَمَةَ وَهَذَا الْحَدِيثِ مُنْتَهِضٌ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ فَتَفَكَّرْ وَتَأَمَّلْ
قَوْلُهُ (وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ فَرَّقَ إِلَخْ) لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ وفِي قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ هَذَا كَلَامٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
٣ - (بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَشْتَرِي العبد ويستغله)
الخ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْغَلَّةُ الدَّاخِلُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالْإِجَارَةِ وَالنَّتَاجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى
وقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مَا يُقَدِّرُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُقَالُ لَهَا الْخَرَاجُ وَالضَّرِيبَةُ وَالْغَلَّةُ انْتَهَى
وقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْغَلَّةُ الدَّخْلُ مِنْ كِرَاءِ دَارٍ وَأَجْرِ غُلَامٍ وَفَائِدَةِ أَرْضٍ وَأَغْلَّتِ الضَّيْعَةُ أَعْطَتْهَا وَاسْتَغَلَّ عَبْدَهُ كَلَّفَهُ أَنْ يُغِلَّ عَلَيْهِ انتَهَى
[١٢٨٥] قَوْلُهُ (وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ) بِعَيْنٍ وَقَافٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو (عَنْ مَخْلَدٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ