٩٨ - (بَاب مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ)
[١٣٢] قَوْلُهُ (عَنْ سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ النَّخَعِيُّ (عَنِ الْأَسْوَدِ) هو بن يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ
(يَأْمُرُنِي أَنْ أَتَّزِرَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَذَا فِي رِوَايَتِنَا وَغَيْرِهَا بتشديد التاء المثناة بعد الهمزة وأصله أءتزر بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ بِوَزْنِ أَفْتَعِلُ
وَأَنْكَرَ أَكْثَرُ النُّحَاةِ الْإِدْغَامَ حَتَّى قَالَ صَاحِبُ الْمُفَصَّلِ إِنَّهُ خَطَأٌ
لَكِنْ حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ حَكَاهُ الصَّغَانِيُّ فِي مجمع البحرين
وقال بن الْمَلَكِ إِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ انْتَهَى
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ وَهِيَ مِنْ فُصَحَاءِ العرب حجة فالمخطىء مخطىء انْتَهَى
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَشُدُّ إِزَارَهَا عَلَى وَسَطِهَا (ثُمَّ يُبَاشِرُنِي) مِنَ الْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ الْمُلَامَسَةُ مِنْ لَمْسِ بَشَرَةِ الرَّجُلِ بَشَرَةَ الْمَرْأَةِ وَقَدْ ترد المباشرة بمعنى الجماع والمراد ها هنا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ بِالْإِجْمَاعِ
وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا يَحْرُمُ مُلَامَسَةُ الْحَائِضِ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي وَجْهٍ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْمُجَامَعَةُ فَحَسْبُ وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ) كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ
وَلَعَلَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَيَانِ الرُّخْصَةِ وَفِعْلُهُ عَزِيمَةٌ تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ
لِأَنَّهُ أَحْوَطُ فَإِنَّ مَنْ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْحَائِضِ الْفَرْجُ فَقَطْ
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْبَغَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَوِ الْوَجْهَيْنِ للشافعية واختاره بن الْمُنْذِرِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَفِي مُسْلِمٍ اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ وَحَمَلُوا حَدِيثَ الْبَابِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بين الأدلة انتهى قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مجرد