قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْفِتَنِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ
٠ - (بَاب مَا جَاءَ سَتَكُونُ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ)
[٢١٩٥] قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُهَنِيِّ الْمَدَنِيِّ مَوْلَى الْحُرَقَةِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ (بَادِرُوا) أَيْ سَابِقُوا وَسَارِعُوا (بِالْأَعْمَالِ) أَيْ بِالِاشْتِغَالِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ (فِتَنًا) أَيْ وُقُوعَ فِتَنٍ (كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ جَمْعُ قِطْعَةٍ وَهِيَ طَائِفَةٌ
وَالْمَعْنَى كَقِطَعٍ مِنَ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ لِفَرْطِ سَوَادِهَا وَظُلْمَتِهَا وَعَدَمِ تَبَيُّنِ الصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ فِيهَا
وَحَاصِلُ الْمَعْنَى تَعَجَّلُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْفِتَنِ الْمُظْلِمَةِ مِنَ الْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ فَإِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَ الْأَعْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فِيهَا وَالْمُرَادُ مِنَ التَّشْبِيهِ بَيَانُ حَالِ الْفِتَنِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بَشِيعٌ فَظِيعٌ وَلَا يُعْرَفُ سَبَبُهَا وَلَا طَرِيقُ الْخَلَاصِ مِنْهَا فَالْمُبَادَرَةُ الْمُسَارَعَةُ بِإِدْرَاكِ الشَّيْءِ قَبْلَ فَوَاتِهِ أَوْ بِدَفْعِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ (يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا) أَيْ مَوْصُوفًا بِأَصْلِ الْإِيمَانِ أَوْ بِكَمَالِهِ (وَيُمْسِي كَافِرًا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ كَافِرًا لِلنِّعْمَةِ أَوْ مُشَابِهًا لِلْكَفَرَةِ أَوْ عَامِلًا عَمَلَ الْكَافِرِ
وَقِيلَ الْمَعْنَى يُصْبِحُ مُحَرِّمًا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَيُمْسِي مُسْتَحِلًّا إِيَّاهُ وَبِالْعَكْسِ
قُلْتُ وَهَذَا الْمَعْنَى الْأَخِيرُ اخْتَارَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ (يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ) أَيْ بِتَرْكِهِ (بِعَرَضٍ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بِأَخْذِ مَتَاعٍ دَنِيءٍ وَثَمَنٍ رَدِيءٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ يُصْبِحُ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِحَالِ الْمُشَبَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِتَنًا وَقَوْلُهُ يَبِيعُ إِلَخْ بَيَانٌ لِلْبَيَانِ
وَقَالَ الْمُظْهِرُ فِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قِتَالٌ لِمُجَرَّدِ الْعَصَبِيَّةِ وَالْغَضَبِ فَيَسْتَحِلُّونَ الدَّمَ وَالْمَالَ
وثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ وُلَاةُ الْمُسْلِمِينَ ظَلَمَةً فَيُرِيقُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَيَأْخُذُونَ