قُلْتُ لَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِ الْغَضَبِ بِمَا ذكره القارىء بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مِرَارًا فِي شَرْحِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَعَافِنَا أَيْ أَمِتْنَا بِالْعَافِيَةِ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ قَبْلَ نُزُولِ عَذَابِكَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ
٢ - (بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ)
[٣٤٥١] قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي بِلَالُ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ لَيِّنٌ مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ (كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ) وَهُوَ يَكُونُ مِنَ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثُمَّ هُوَ قَمَرٌ اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ ١ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ الْإِهْلَالِ قَالَ الطِّيبِيُّ يُرْوَى مُدْغَمًا وَمَفْكُوكًا أَيْ أَطْلِعْهُ عَلَيْنَا ١ مُقْتَرِنًا بِالْيُمْنِ أَيِ الْبَرَكَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ أَيْ بِدَوَامِهِ وَالسَّلَامَةِ أَيْ عَنْ كُلِّ مَضَرَّةٍ وسوء والإسلام أي دوامه
قال القارىء قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ عُلَمَائِنَا الْإِهْلَالُ فِي الْأَصْلِ رَفْعُ الصَّوْتِ نُقِلَ مِنْهُ إِلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ إِذَا رَأَوْهُ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْهِلَالُ هِلَالًا نُقِلَ مِنْهُ إِلَى طُلُوعِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِرُؤْيَتِهِ وَمِنْهُ إِلَى إِطْلَاعِهِ
وَفِي الْحَدِيثِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ أَطْلِعْهُ عَلَيْنَا وَأَرِنَا إِيَّاهُ مُقْتَرِنًا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ أَيْ بَاطِنًا وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ أَيْ ظَاهِرًا وَنَبَّهَ بِذِكْرِ الْأَمْنِ وَالسَّلَامَةِ عَلَى طَلَبِ دَفْعِ كُلِّ مَضَرَّةٍ وَبِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى جَلْبِ كُلِّ مَنْفَعَةٍ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ وَأَوْجَزِ عِبَارَةٍ انْتَهَى رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ خِطَابٌ لِلْهِلَالِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ
وَلَمَّا تَوَسَّلَ بِهِ لِطَلَبِ الْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ دَلَّ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ الْهِلَالِ فَقَالَ مُلْتَفِتًا إِلَيْهِ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ تَنْزِيهًا لِلْخَالِقِ أَنْ يُشَارَكَ فِي تَدْبِيرِ مَا خَلَقَ وَرَدَّ الْأَقَاوِيلَ دَاحِضَةً فِي الْآثَارِ الْعُلْوِيَّةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والدارمي والحاكم وبن حِبَّانَ وَزَادَ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute