قُلْتُ وَالْعِلَّةُ الَّتِي أَعَلَّهَا بِهَا مَنْ أَعَلَّهَا هي أن الأوزاعي روى هذه الز يادة عَنْ قَتَادَةَ مُكَاتَبَةً وَقَدْ رُدَّتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا بَلْ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُهُ رِوَايَةً صَحِيحَةً
فَإِنْ قُلْتَ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ إِنْكَارُ ذَلِكَ فَرَوَى أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وَقَالَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظُهُ أَوْ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
قُلْتُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ إِنْكَارِ أَنَسٍ فَلَا يُقَاوَمُ مَا يَثْبُتُ عَنْ خِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسٌ نَسِيَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَكِبَرِهِ وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرًا كَمَا سُئِلَ يَوْمًا عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ فَاسْأَلُوهُ فَإِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا وَكَمْ مِمَّنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذِكْرِهَا فِي الصَّلَاةِ أَصْلًا لَا عَنِ الْجَهْرِ بِهَا وَإِخْفَائِهَا انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ
وَقَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْجَهْرِ عِنْدَهُمْ كَانَ مِيرَاثًا عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَارَثُهُ خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ وَهَذَا وَحْدَهُ كَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْجَهْرِيَّةَ دَائِمَةٌ صَبَاحًا وَمَسَاءً فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجْهَرُ بِهَا دَائِمًا لَمَا وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَلَا اشْتِبَاهٌ وَلَكَانَ مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ وَلَمَا قَالَ أَنَسٌ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ وَلَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ ذَلِكَ أَيْضًا وَسَمَّاهُ حَدَثًا وَلَمَا اسْتَمَرَّ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَامِهِ عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ يَتَوَارَثُهُ آخِرُهُمْ عَنْ أَوَّلِهِمْ وَذَلِكَ جَارٍ عِنْدَهُمْ مَجْرَى الصَّاعِ وَالْمُدِّ بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ لِاشْتِرَاكِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى صَاعٍ وَلَا مُدٍّ وَمَنْ يَحْتَاجُهُ يَمْكُثُ مُدَّةً لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَلَا يَظُنُّ عَاقِلٌ أَنَّ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانُوا يُوَاظِبُونَ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله انتهى كلامه الزيلعي
٨ - (باب ما جاء من رأى الجهر ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [٢٤٥])
قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْأَشْعَرِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ وعنه معتمر بن سليمان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute