٤٦ - (بَاب مَا جَاءَ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ)
قَوْلُهُ [١٩٧١] (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ) أَيِ الْزَمُوا الصِّدْقَ وَهُوَ الْإِخْبَارُ عَلَى وَفْقِ مَا فِي الْوَاقِعِ (فَإِنَّ الصِّدْقَ) أَيْ عَلَى وَجْهِ مُلَازَمَتِهِ وَمُدَاوَمَتِهِ (يَهْدِي) أَيْ صَاحِبَهُ (إِلَى الْبِرِّ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَصْلُهُ التَّوَسُّعُ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرَاتِ مِنِ اكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ الْخَالِصِ الدَّائِمِ الْمُسْتَمِرِّ مَعَهُ إِلَى الْمَوْتِ وإن البر يهدي إلى الجنة قال بن بَطَّالٍ مِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ الأبرار لفي نعيم (وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ (وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ) أَيْ يُبَالِغُ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ (حَتَّى يُكْتَبَ) أَيْ يَثْبُتَ (عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا) بِكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ مُبَالِغًا فِي الصِّدْقِ فَفِي الْقَامُوسِ الصِّدِّيقُ مَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الصِّدْقُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ اسْمَ الْمُبَالَغَةِ فِي الصِّدْقِ
وَفِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِحُسْنِ خَاتِمَتِهِ وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ يَكُونُ مَأْمُونَ الْعَاقِبَةِ (فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ) قَالَ الرَّاغِبُ أَصْلُ الْفَجْرِ الشَّقُّ
فَالْفُجُورُ شَقُّ سِتْرِ الدِّيَانَةِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَيْلِ إِلَى الْفَسَادِ وَعَلَى الِانْبِعَاثِ فِي الْمَعَاصِي وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلشَّرِّ انْتَهَى
وَفِي الْقَامُوسِ فجر فسق وَكَذَبَ وَعَصَى وَخَالَفَ (حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِظْهَارُهُ لِلْمَخْلُوقِينَ مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَإِلْقَاءِ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْأَرْضِ وقد ذكره مالك بلاغا عن بن مَسْعُودٍ وَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً مُفِيدَةً وَلَفْظُهُ لَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ فَيُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ حَتَّى يَسْوَدَّ قَلْبُهُ فَيُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَاذِبِينَ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَثٌّ عَلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ وَعَلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الْكَذِبِ وَالتَّسَاهُلِ فِيهِ فَإِنَّهُ إِذَا تَسَاهَلَ فِيهِ كَثُرَ مِنْهُ فَيُعْرَفُ بِهِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشخير وبن عمر) أما حديث أبي بكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute