صَوْتُهُ لِصَوْتِ الْجَرَسِ وَالصَّلْصَلَةُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ فِي الْأَصْلِ صَوْتُ وُقُوعِ الْحَدِيدِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ لَهُ طَنِينٌ وَقِيلَ هُوَ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ لَا يُدْرَكُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَالْجَرَسُ بِفَتْحِ الجيم والمهملة الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدَّوَابِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْجَرَسِ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ الْحِسُّ قِيلَ وَالصَّلْصَلَةُ الْمَذْكُورَةُ صَوْتُ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ يَسْمَعُهُ وَلَا يَتَبَيَّنُهُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ وَقِيلَ صَوْتٌ خَفِيفٌ لِأَجْنِحَةِ الْمَلَكِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يَقْرَعَ سَمْعَهُ الْوَحْيُ فَلَا يَبْقَى فِيهِ مُتَّسَعٌ لِغَيْرِهِ (وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ مِنَ الْوَحْيِ أَشَدُّ أَقْسَامِهِ عَلَى فَهْمِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْفَهْمَ مِنْ كَلَامٍ مِثْلَ الصَّلْصَلَةِ أَشْكَلُ مِنَ الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ الرَّجُلِ بِالتَّخَاطُبِ الْمَعْهُودِ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الشِّدَّةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشَقَّةِ مِنْ زِيَادَةِ الزُّلْفَى وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ (يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا) التَّمَثُّلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَثَلِ أَيْ يَتَصَوَّرُ وَالْلَّامُ فِي الْمَلَكِ لِلْعَهْدِ وَهُوَ جِبْرَائِيلُ وَرَجُلًا مَنْصُوبٌ بِالْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ يَتَمَثَّلُ مِثْلَ رَجُلٍ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ أَوْ بِالْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ هَيْئَةَ رَجُلٍ (فَأَعِيَ مَا يَقُولُ) مِنَ الْوَعْيِ أَيْ فَأَحْفَظُ الْقَوْلَ الَّذِي يَقُولُهُ (فَيَفْصِمُ عَنْهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يُقْلِعُ وَيَنْجَلِي مَا يَغْشَاهُ وَأَصْلُ الْفَصْمِ الْقَطْعُ وَمِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَقِيلَ الْفَصْمُ بِالْفَاءِ الْقَطْعُ بِلَا إِبَانَةٍ وَبِالْقَافِ الْقَطْعُ بِإِبَانَةٍ فَذَكَرَ بِالْفَصْمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمَلَكَ فَارَقَهُ لِيَعُودَ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا بَقَاءُ الْعَلَقَةِ (وِإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ) بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ لَيَسِيلُ (عَرَقًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مِنْ كَثْرَةِ مُعَانَاةِ التَّعَبِ وَالْكَرْبِ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ إِذْ أنه أمر طارىء زَائِدٌ عَلَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
٥ - (بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
أَيْ خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ [٣٦٣٥] قَوْلُهُ (عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ مِنْ أَبْوَابِ اللِّبَاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute