بِجَوَازِ تَأْخِيرِهَا مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ
وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ حِينَ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ وَقْتَ الجواز وهذا جاز فِي كُلِّ الصَّلَاةِ سِوَى الظُّهْرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِمَكَّةَ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ بِالْمَدِينَةِ فَوَجَبَ اعْتِمَادُهَا وَالثَّالِثُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ بَيَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
٠ - (بَاب مَا جَاءَ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ)
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ أَنَّهُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي تَقَدَّمَ وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ وَيُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ وَقَّتَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مَعْنَاهُ وَقَّتَ لِأَدَائِهَا اخْتِيَارًا وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى
وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ إِذَا ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ صَارَتْ قَضَاءً وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْمَذْكُورُ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عُمُومُ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الصُّبْحِ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدِ فِي الْمَغْرِبِ فَلِلْإِصْطَخْرِيِّ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْعِشَاءِ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي امْتِدَادِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ حَدِيثًا صَرِيحًا يَثْبُتُ انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute