للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ ثَانِي مَفْعُولِ رَأَيْتُ (صِيَامًا) تَمْيِيزٌ (مِنْهُ) أَيْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي شَعْبَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِ (صِيَامًا) وَالْمَعْنَى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ فِي شَعْبَانَ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ سِوَى رَمَضَانَ وَكَانَ صِيَامُهُ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ فِيمَا سِوَاهُ كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ

وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَوْلُهُ فِي شَهْرٍ يَعْنِي بِهِ غَيْرَ شَعْبَانَ وَهُوَ حَالٌ مِنَ الْمُسْتَكِنِّ فِي أَكْثَرَ وَفِي شَعْبَانَ حَالٌ مِنَ الْمَجْرُورِ فِي مِنْهُ الْعَائِدِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ مَا رَأَيْتُهُ كَائِنًا فِي غَيْرِ شَعْبَانَ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ كَائِنًا فِي شَعْبَانَ مِثْلُ زَيْدٌ قَائِمًا أَحْسَنُ مِنْهُ قَاعِدًا أَوْ كِلَاهُمَا ظَرْفُ أَكْثَرَ الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمَعْنَى وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرُؤْيَتِهِ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَفْضِيلُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ حَالَةٍ واحدة كذا ذكره القارىء (كَانَ يَصُومُهُ إِلَّا قَلِيلًا بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ) أَيْ لِغَايَةِ الْقِلَّةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ

كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يصوم شعبان إلا قليلا

[٧٣٧] قوله (كأن بن الْمُبَارَكِ قَدْ رَأَى كِلَا الْحَدِيثَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ يَقُولُ إِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ أَكْثَرَ الشَّهْرِ) الْمُرَادُ بِكِلَا الْحَدِيثَيْنِ الْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ صَوْمُ أَكْثَرِ شَعْبَانَ وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ صَوْمُ شَعْبَانَ كُلِّهِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الفتح

حاصل ما قال بن الْمُبَارَكِ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى مُفَسِّرَةٌ لِلثَّانِيَةِ وَأَنَّ المراد بالكل الأكثر وهو مجازا قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ وَاسْتَبْعَدَهُ الطِّيبِيُّ قَالَ لِأَنَّ الْكُلَّ تَأْكِيدٌ لِإِرَادَةِ الشُّمُولِ وَدَفْعُ التَّجَوُّزِ فَتَفْسِيرُهُ بِالْبَعْضِ مُنَافٍ لَهُ قَالَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يصوم شعبان

<<  <  ج: ص:  >  >>