للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَلِيمُ) الَّذِي لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ (الْكَرِيمُ) الَّذِي يُعْطِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَبِدُونِ الْمِنَّةِ (رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) اخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الْعَظِيمِ صِفَةٌ لِلرَّبِّ أو العرش كما قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ نقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِرَفْعِ الْعَظِيمِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلرَّبِّ وَالَّذِي ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلْعَرْشِ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (رَبِّ الْعَرْشِ العظيم ورب العرش الكريم) بِالْجَرِّ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ العَجْزِ فَإِنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا يَعْجِزُ عَنْ إِعْطَاءِ مسؤول عَبْدِهِ الْمُتَوَجِّهِ إِلَى رَبِّهِ الْكَرِيمِ (مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ أَسْبَابِهَا

قَالَ الطِّيبِيُّ جَمْعُ مُوجِبَةٍ وَهِيَ الْكَلِمَةُ الْمُوجِبَةُ لِقَائِلِهَا الْجَنَّةَ

وَقَالَ بن الْمَلَكِ يَعْنِي الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ وَالصِّفَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ رَحْمَتُكَ بِسَبَبِهَا (وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ مُوجِبَاتِهَا جَمْعُ عَزِيمَةٍ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَعْمَالًا تَتَعَزَّمُ وَتَتَأَكَّدُ بِهَا مَغْفِرَتُكَ (وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بر) قال القارىء أَيْ طَاعَةً وَعِبَادَةً فَإِنَّهُمَا غَنِيمَةٌ مَأْخُوذَةٌ بِغَلَبَةِ دَوَاعِي عَسْكَرِ الرُّوحِ عَلَى جُنْدِ النَّفْسِ فَإِنَّ الْحَرْبَ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا عَلَى الدَّوَامِ وَلِهَذَا يُسَمَّى الْجِهَادَ الْأَكْبَرَ لِأَنَّ أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بين جنبيك (والسلام مِنْ كُلِّ إِثْمٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ كُلِّ الذُّنُوبِ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ ذَلِكَ إِذِ الْعِصْمَةُ إِنَّمَا هِيَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّهَا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَاجِبَةٌ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ جَائِزَةٌ وَسُؤَالُ الْجَائِزِ جَائِزٌ إِلَّا أَنَّ الْأَدَبَ سُؤَالُ الْحِفْظِ فِي حَقِّنَا لَا الْعِصْمَةُ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا انْتَهَى (لَا تَدَعْ) أَيْ لَا تَتْرُكْ (لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ) أَيْ إِلَّا مَوْصُوفًا بِوَصْفِ الْغُفْرَانِ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ وفيما يليه مفرع من أعم الأحوال (ولاهما) أَيْ غَمًّا (إِلَّا فَرَّجْتَهُ) بِالتَّشْدِيدِ وَيُخَفَّفُ أَيْ أزلته وكشفته (ولا حاجة هي لك رضى) أي بها يعني مريضة

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِلَخْ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ في الترغيب رواها الترمذي وبن مَاجَهْ كِلَاهُمَا مِنْ رِوَايَةِ فَائِدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن أبي الورقاء وزاد بن مَاجَهْ بَعْدَ قَوْلِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ يَسْأَلُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِاخْتِصَارٍ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجْتُهُ شَاهِدًا وَفَائِدٌ مُسْتَقِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>