للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الطِّيبِيُّ الْبَاءُ فِيهِمَا إِمَّا لِلِاسْتِعَانَةِ أَيْ أطلب خبرك مُسْتَعِينًا بِعِلْمِكَ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فِيهِمْ خَيْرَكَ وَأَطْلُبُ مِنْكَ الْقُدْرَةَ فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ وَإِمَّا لِلِاسْتِعْطَافِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا

وَأَسْتَقْدِرُكَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تَجْعَلَ لِيَ قُدْرَةً عَلَيْهِ (وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ) أَيْ تَعْيِينَ الْخَيْرِ وَتَبْيِينَهُ وَتَقْدِيرَهُ وَتَيْسِيرَهُ وَإِعْطَاءَ الْقُدْرَةِ لِيَ عَلَيْهِ (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ) أَيِ الَّذِي يُرِيدُهُ

قَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ فَأَوْقَعَ الْكَلَامَ مَوْقِعَ الشَّكِّ عَلَى مَعْنَى التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِعِلْمِهِ فِيهِ وَهَذَا النَّوْعُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْبَلَاغَةِ تَجَاهُلَ الْعَارِفِ وَمَزْجَ الشَّكِّ بِالْيَقِينِ يُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّكَّ فِي أَنَّ الْعِلْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ لا في أصل العلم انتهى

قال القارىء وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ الظَّاهِرُ وَنَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (فِي دِينِي) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِدِينِي (وَمَعِيشَتِي) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَعَاشِي

قَالَ الْعَيْنِيُّ الْمَعَاشُ وَالْمَعِيشَةُ وَاحِدٌ يُسْتَعْمَلَانِ مَصْدَرًا وَاسْمًا وَفِي الْمُحْكَمِ الْعَيْشُ الْحَيَاةُ عَاشَ عَيْشًا وَعِيشَةً وَمَعِيشًا وَمَعَاشًا ثُمَّ قَالَ الْمَعِيشُ وَالْمَعَاشُ وَالْمَعِيشَةُ مَا يُعَاشُ بِهِ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ زَادَ أَبُو دَاوُدَ وَمَعَادِي وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعَاشِ الْحَيَاةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمَعَاشِ مَا يُعَاشُ فِيهِ وَلِذَلِكَ وقع في حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي انْتَهَى (وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَاقْتُصِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ على عاقبة أمري وكذا في حديث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَنَّ الْعَاجِلَ وَالْآجِلَ مَذْكُورَانِ بَدَلَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَدَلَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ لَا يَكُونُ الدَّاعِي جَازِمًا بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا إِنْ دَعَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ مَرَّةً فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي وَمَرَّةً فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ وَمَرَّةً فِي دِينِي وَعَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ قَالَ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ أَيِ الشَّكُّ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَلَا أَبِي هُرَيْرَةَ أَصْلًا انْتَهَى

(فَيَسِّرْهُ لِي) وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ عن بن مَسْعُودٍ فَوَفِّقْهُ وَسَهِّلْهُ (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ يَسِّرْهُ عَلَيَّ وَاجْعَلْهُ مَقْدُورًا لِفِعْلِي (حَيْثُ كَانَ) أَيِ الْخَيْرُ (ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ أَيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>