للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ سُلَيْكًا مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ جِدًّا فَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُنْسَخَ الْكَلَامُ فِي الْخُطْبَةِ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قِيلَ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سُلَيْكًا مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ جِدًّا وَتَحْرِيمُ الْكَلَامِ مُتَقَدِّمٌ جِدًّا فَكَيْفَ يُدَّعَى نَسْخُ الْمُتَأَخِّرِ بِالْمُتَقَدِّمِ مَعَ أَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ انْتَهَى

وَمِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَاطَبَ سُلَيْكًا سَكَتَ عَنْ خُطْبَتِهِ حَتَّى فَرَغَ سُلَيْكٌ مِنْ صَلَاتِهِ فَعَلَى هَذَا فَقَدْ جَمَعَ سُلَيْكٌ بَيْنَ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَصَلَاةِ التَّحِيَّةِ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ التَّحِيَّةَ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَدْ ضَعَّفَهُ وَقَالَ إِنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ مُرْسَلًا أَوْ مُعْضَلًا كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عمدة القارىء مُعْتَرِضًا عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا لَفْظُهُ الْمُرْسَلُ حجة عندنا ويؤيد هذا ما أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَمْسَكَ عَنِ الْخُطْبَةِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ ثُمَّ عَادَ إِلَى خُطْبَتِهِ انْتَهَى

قُلْتُ الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ وَإِنْ كَانَ حُجَّةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَكِنِ الْمُحَقَّقُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَقَرِّهِ فَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الْمُرْسَلُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ وَيُضَعِّفُهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَيُضَعِّفُهُ أَيْضًا حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا

رَوَاهُ أَحْمَدُ ومسلم وأبو داود وأما رواية بن أَبِي شَيْبَةَ فَهِيَ أَيْضًا مُرْسَلَةٌ وَمَعَ إِرْسَالِهَا فَهِيَ ضَعِيفَةٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهَا

هَذَا مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَأَبُو مَعْشَرٍ اسْمُهُ نَجِيحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّنْدِيُّ أَبُو مَعْشَرٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ أَسَنَّ وَاخْتَلَطَ انْتَهَى

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَكَ عَنِ الْخُطْبَةِ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَلْ ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ

وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ وقد بوب النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى عَنْ حَدِيثِ سُلَيْكٍ قَالَ بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَعَدَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فاركعهما كذا في عمدة القارىء

<<  <  ج: ص:  >  >>