وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِثْبَاتِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَهُوَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاجِبٌ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ وهو سنة للقارىء وَالْمُسْتَمِعِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلسَّامِعِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ لَكِنْ لَا يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ تَأَكُّدَهُ فِي حَقِّ الْمُسْتَمِعِ الْمُصْغِي انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
وَقَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ هِيَ سَجْدَةٌ مُنْفَرِدَةٌ مَنْوِيَّةٌ مَحْفُوفَةٌ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ مَشْرُوطٌ فِيهَا مَا شُرِطَ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ يَدٍ وَقِيَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَتَسْلِيمٍ وتجب على القارىء وَالسَّامِعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَمِعًا عِنْدَ أَبِي حنيفة وأصحابه انتهى كلام القارىء
[٥٦٨] قوله (عن عمر الدمشقي) هو بن حَيَّانَ الدِّمَشْقِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ
قَوْلُهُ (سَجَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً إلخ) هَذَا لَا يُنَافِي الزِّيَادَةَ غَايَتُهُ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ سَجَدَ مَعَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَلَمْ يَحْضُرْ فِي غَيْرِهَا قَالَهُ صَاحِبُ إنجاح الحاجة
قلت ومع هذا فهو حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ عُمَرَ الدِّمَشْقِيَّ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا عَرَفْتَ وَفِي طَرِيقِهِ الثَّانِي الْآتِي قَالَ عُمَرُ الدِّمَشْقِيُّ سَمِعْتُ مُخْبِرًا يُخْبِرُنِي فَهَذَا الْمُخْبِرُ أَيْضًا مَجْهُولٌ
وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ بِتَضْعِيفِهِ حَيْثُ قَالَ فِي سُنَنِهِ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ انْتَهَى كَلَامُ أَبِي دَاوُدَ
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ حسنه المنذري والنووي وضعفه عبد الحق وبن الْقَطَّانِ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَيْنٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَالرَّاوِي عَنْهُ الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ الْعُتَقِيُّ وهو لا يعرف أيضا
وقال بن مَاكُولَا لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَيْنٍ بِنُونٍ مُصَغَّرًا الْيَحْصُبِيُّ الْمِصْرِيُّ وَثَّقَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ انْتَهَى
وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الْعُتَقِيِّ أَنَّهُ مَقْبُولٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَسَنٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَوَاضِعَ السُّجُودِ خَمْسَةَ عَشَرَ موضعا وإليه ذهب أحمد والليث وإسحاق وبن وَهْبٍ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَحْمَدُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَخْذًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَدْخَلَ سَجْدَةَ ص فِيهَا