للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لَكِنَّهَا يُؤَيِّدُهَا آثَارٌ صَحِيحَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ

قَوْلُهُ (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ) وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يكبر

قال بن الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ عَنْ سَمَاعٍ إِذْ يُمْكِنُ الرَّأْيُ فِيهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِنَاءً عَلَيْهِ فَحَاصِلُهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ عَنِ اجْتِهَادٍ عَارَضَهُ رَأْيُ صَحَابِيٍّ آخَرَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ أَنْبَأَنَا أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أبي سليم عن مجاهد عن بن مَسْعُودٍ قَالَ لَيْسَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ وَلَيْثٌ كَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ وَقِيلَ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَكُنْ لِيَذْهَبَ فَيَأْخُذَ عَنْهُ حَالَ اخْتِلَاطِهِ وَيَرْوِيَهُ وَهُوَ الَّذِي شَدَّدَ أَمْرَ الرِّوَايَةِ مَا لم يشدده غيره وروى مثل قول بن مسعود عن بن عباس تفرد به بن لَهِيعَةَ انْتَهَى

قُلْتُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَدَمُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ

وأما أثر بن مَسْعُودٍ فَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَالثَّانِي أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ لَيْثَ بْنَ أبي سليم قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ اِخْتَلَطَ أَخِيرًا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُهُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا أَثَرٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ مُجَاهِدًا لم يلق بن مَسْعُودٍ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضعيف عند أهل الحديث انتهى

وأجاب بن الْهُمَامِ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُجِبْ عَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي وَفِيمَا أَجَابَ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كلام فتفكر

وأما أثر بن عباس فقد تفرد به بن لهيعة كما صرح به بن الْهُمَامِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ يُرْوَى حَدِيثُهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَلَا يُحْتَجُّ به انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>