وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْحَلَالِ غَيْرُ مَقْبُولٍ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَإِنَّمَا لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّدَقَةَ بِالْحِرَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْمُصَدِّقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالْمُتَصَدِّقُ بِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ فَلَوْ قُبِلَ مِنْهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَأْمُورًا وَمَنْهِيًّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُحَالٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ (إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ فَيَتَلَقَّاهَا الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ
قَالَ فِي اللُّمَعَاتِ الْمُرَادُ حُسْنُ الْقَبُولِ وَوُقُوعُهَا مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ مَوْقِعَ الرِّضَا وَذَكَرَ الْيَمِينَ لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّشْرِيفِ وَكِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ انْتَهَى
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْمُنِيرِ الْكِنَايَةُ عَنِ الرِّضَا وَالْقَبُولِ بِالتَّلَقِّي بِالْيَمِينِ لِتَثْبُتَ الْمَعَانِي الْمَعْقُولَةُ مِنَ الْأَذْهَانِ وَتَحْقِيقُهَا فِي النُّفُوسِ تَحْقِيقَ الْمَحْسُوسَاتِ أَيْ لَا يَتَشَكَّكُ فِي الْقَبُولِ كَمَا لَا يَتَشَكَّكُ مَنْ عَايَنَ التَّلَقِّي لِلشَّيْءِ بِيَمِينِهِ لَا أَنَّ التَّنَاوُلَ كَالتَّنَاوُلِ الْمَعْهُودِ وَلَا أَنَّ الْمُتَنَاوَلَ بِهِ جَارِحَةٌ انْتَهَى
قُلْتُ وَسَيَجِيءُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ الْحَقُّ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ (تَرْبُو) أَيْ تَزِيدُ (حَتَّى تَكُونَ) أَيِ التَّمْرَةُ (فَلُوَّةً) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَيُضَمُّ وَبِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيِ الْمُهْرَ وَهُوَ وَلَدُ الْفَرَسِ (أَوْ فَصِيلَهُ) وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلُوَّهُ أَوْ قَالَ فَصِيلَهُ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفَصِيلُ وَلَدُ النَّاقَةِ إِذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ جَمْعُهُ فُصْلَانُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَكَكِتَابٍ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ لارضاع بَعْدَ فِصَالٍ أَيْ بَعْدَ أَنْ يُفْصَلَ الْوَلَدُ عَنْ أُمِّهِ وَبِهِ سُمِّيَ الْفَصِيلُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِبِلِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ فِي الْإِبِلِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْبَقَرِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَأَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَحَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَبُرَيْدَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَحْمَدُ والترمذي وبن مَاجَهْ كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَلْيُنْظَرْ مِنْ أَخْرَجَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ
وَأَمَّا حَدِيثُ عبد الرحمن بن عوف فأخرجه بن سعد وبن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ
وَأَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ