للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَحْمَدُ) وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ في الفتح واستدلوا بحديث الباب وبحديث بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ رَوَاهُ أبو داود وصححه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا يُصَامُ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شَكَّ فِيهِ فَقَالَ أَلَّا إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلْتُهُمْ أَنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَنْسِكُوا لَهَا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مُسْلِمَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ مُسْلِمَانِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَدْحًا وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ انْتَهَى

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ أَمِيرِ مَكَّةَ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ فَإِنْ لَمْ نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالَّداَرُقْطِنُّي وَقَالَ هَذَا إِسْنَادٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ

وَأَجَابَ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ شَهَادَةِ رَجُلٍ فِي الصِّيَامِ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثِينَ بِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالِاثْنَيْنِ غَايَةُ مَا فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ قَبُولِ الْوَاحِدِ بِالْمَفْهُومِ وَحَدِيثَ بن عباس وحديث بن عُمَرَ الْمَذْكُورَيْنِ يَدُلَّانِ عَلَى قَبُولِهِ بِالْمَنْطُوقِ وَدَلَالَةُ الْمَنْطُوقِ أَرْجَحُ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِفْطَارِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى هِلَالِ شَوَّالٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَجَوَّزَهُ بِعَدْلٍ انْتَهَى

وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ في الأوسط من طريق طاؤس قال شهدت المدينة وبها بن عمر وبن عَبَّاسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَيَّ وَالِيهَا وَشَهِدَ عِنْدَهُ على رؤية هلال شهر رمضان فسأل بن عمر وبن عَبَّاسٍ عَنْ شَهَادَتِهِ فَأَمَرَاهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَقَالَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَجَازَ شَهَادَةَ وَاحِدٍ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَكَانَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ الْإِفْطَارِ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْأَيْلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ

فَإِنْ قُلْتَ هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الْإِفْطَارِ

قُلْتُ أَصْلُ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ وَحَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ الْمَذْكُورَيْنِ فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مُسْلِمَانِ فَصُومُوا وَأَفْطَرُوا فِي حَدِيثِ عَبْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>