للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا) قَالَ الْقَاضِي وَكَذَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ رَتَّبَ الثَّانِيَ بِالْفَاءِ عَلَى فَقْدِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّالِثَ بِالْفَاءِ عَلَى فَقْدِ الثَّانِي فَدَلَّ عَلَى التَّرْتِيبِ

وَقَالَ مَالِكٌ بِالتَّخْيِيرِ فَإِنَّ الْمُجَامِعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْخِصَالِ الثلاث عنده قال بن حَجَرٍ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ

وَقَالَ مَالِكٌ إِنَّهَا مُخَيَّرَةٌ كَالْكَفَّارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ لِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا

وَأَجَابُوا بِأَنَّ أَوْ كَمَا لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ لَا تَمْنَعُهُ كَمَا بَيَّنَتْهُ الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْدِيرُ أَوْ يَصُومَ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْعِتْقِ أَوْ يُطْعِمَ إِنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ وَرُوَاتُهَا أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ فَقَدْ رَوَاهَا عِشْرُونَ صَحَابِيًّا وَهِيَ حِكَايَةُ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوَاةُ هَذَا اثْنَانِ وَهُوَ لَفْظُ الرَّاوِي انْتَهَى كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قُلْتُ لَا شَكَّ أَنَّ رُوَاةَ الْكَفَّارَةِ مَرْتَبَةٌ أَكْثَرُ وَأَمَّا إِنَّهَا رَوَاهَا عِشْرُونَ صَحَابِيًّا فَفِيهِ نَظَرٌ

قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَسَلَكَ الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ مَسْلَكَ التَّرْجِيحِ بِأَنَّ الَّذِينَ رَوَوُا التَّرْتِيبَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى التَّخْيِيرَ إِلَى أَنْ قَالَ بَلْ رَوَى التَّرْتِيبَ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَمَامُ ثَلَاثِينَ نَفْسًا أَوْ أَزْيَدُ قَالَ وَيَتَرَجَّحُ التَّرْتِيبُ أَيْضًا بِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِأَنَّ الْأَخْذَ به مجزي سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّرْتِيبِ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (بِعَرَقٍ) بِفَتْحَتَيْنِ (وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيِ الزِّنْبِيلُ (الضَّخْمُ) بِسُكُونِ الْخَاءِ أَيِ الْعَظِيمُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَفِيهِ فَأَتَى بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا فَقَالَ أَطْعِمْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَذَا فِي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ جَاءَ فِي بَيَانِ مِقْدَارِ مَا فِي الْمِكْتَلِ مِنَ التَّمْرِ رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ وَبِرِوَايَةِ عَلِيٍّ هَذِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ (قَالَ فَتَصَدَّقْ بِهِ) أَيْ عَلَى الْفُقَرَاءِ (فَقَالَ) أَيِ الرَّجُلُ (مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) أي المدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>