للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ مَتْرُوكٌ انْتَهَى

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمَجْمُوعِهَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي فَضِيلَةِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ شَيْءٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقِيلَ هِيَ لَيْلَةُ النصف من شعبان وقول الجمهور وهو الحق قال الحافظ بن كَثِيرٍ مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقَدْ أَبْعَدَ فَإِنَّ نَصَّ الْقُرْآنِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ انْتَهَى

وَفِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ بَلْ صَرِيحَهُ يَرُدُّهُ لِإِفَادَتِهِ فِي آيَةٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي رَمَضَانَ وَفِي أُخْرَى أَنَّهُ نَزَلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ جُمْلَةِ رَمَضَانَ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا النُّزُولَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثَبَتَ أَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ يَقَعُ فِيهَا فَرْقٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهَا الْمُرَادَةُ مِنَ الْآيَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَادَةً مِنْهَا وَحِينَئِذٍ يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ وُقُوعُ ذَلِكَ الْفَرْقِ فِي كُلٍّ من الليلتين إعلاما لمزيد شرفهما وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ فِي أَحَدِهِمَا إِجْمَالًا وَفِي الْأُخْرَى تَفْصِيلًا أَوْ تُخَصُّ إِحْدَاهُمَا بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَى بِالْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الاحتمالات العقلية انتهى

تنبيه اخر قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي اللَّآلِئِ أَنَّ مِائَةَ رَكْعَةٍ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ بِالْإِخْلَاصِ عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ طُولِ فَضْلِهِ لِلدَّيْلَمِيِّ وَغَيْرِهِ مَوْضُوعٌ وَفِي بَعْضِ الرَّسَائِلِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمِمَّا أُحْدِثَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ الصَّلَاةُ الْأَلْفِيَّةُ مِائَةُ رَكْعَةٍ بِالْإِخْلَاصِ عَشْرًا عَشْرًا بِالْجَمَاعَةِ وَاهْتَمُّوا بِهَا أَكْثَرَ مِنَ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ لَمْ يَأْتِ بِهَا خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ إِلَّا ضَعِيفٌ أَوْ مَوْضُوعٌ وَلَا تَغْتَرَّ بِذِكْرِ صَاحِبِ الْقُوتِ وَالْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِمَا وَكَانَ لِلْعَوَامِّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ افْتِتَانٌ عَظِيمٌ حَتَّى الْتُزِمَ بِسَبَبِهَا كَثْرَةُ الْوَقِيدِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الْفُسُوقِ وَانْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ مَا يُغْنِي عَنْ وَصْفِهِ حَتَّى خَشِيَ الْأَوْلِيَاءُ مِنَ الْخَسْفِ وَهَرَبُوا فِيهَا إلى البراري

وأول حدوث لهذه الصلاة ببيت الْمَقْدِسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ وَقَدْ جَعَلَهَا جَهَلَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ مَعَ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا شَبَكَةً لِجَمْعِ الْعَوَامِّ وَطَلَبًا لِرِيَاسَةِ التَّقَدُّمِ وَتَحْصِيلِ الْحُطَامِ ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ اللَّهُ أَئِمَّةَ الْهُدَى فِي سَعْيِ إِبْطَالِهَا فَتَلَاشَى أَمْرُهَا وَتَكَامَلَ إِبْطَالُهَا فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ فِي أَوَائِلِ سِنِي الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ

قِيلَ أَوَّلَ حُدُوثِ الْوَقِيدِ مِنَ الْبَرَامِكَةِ وَكَانُوا عَبَدَةَ النَّارِ فَلَمَّا أَسْلَمُوا أَدْخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مَا يُمَوِّهُونَ أَنَّهُ مِنْ سَنَنِ الدِّينِ وَمَقْصُودُهُمْ عِبَادَةُ النِّيرَانِ حَيْثُ رَكَعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>