للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّاسِعِ صَائِمًا إلخ) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا تَصْرِيحٌ من بن عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ مَذْهَبُهُ أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَيَتَأَوَّلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ إِظْمَاءِ الْإِبِلِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْيَوْمَ الْخَامِسَ مِنْ يَوْمِ الْوِرْدِ رَبْعَاءَ وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّامِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَشْرًا وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّ الْعَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَخَلَائِقُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ

وَأَمَّا تَقْدِيرُ أَخْذِهِ مِنَ الاظماء فبعيد ثم إن حديث بن عَبَّاسٍ الثَّانِي يَرُدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ عَاشُورَاءَ فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تَصُومُهُ فَقَالَ إِنَّهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَصُومُ التَّاسِعَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِعَ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْعَاشِرَ انْتَهَى

قُلْتُ وقَدْ تأول قول بن عَبَّاسٍ هَذَا الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْوِي الصِّيَامَ فِي اللَّيْلَةِ الْمُتَعَقِّبَةِ لِلتَّاسِعِ وقواه الحافظ بحديث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا التَّاسِعَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ قَالَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ الْعَاشِرَ وَهَمَّ بِصَوْمِ التَّاسِعِ فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى

وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ الأولى أن يقال إن بن عَبَّاسٍ أَرْشَدَ السَّائِلَ لَهُ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يُصَامُ فِيهِ وَهُوَ التَّاسِعُ لَمْ يُجِبْ عَلَيْهِ بِتَعْيِينِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَنَّهُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ فَائِدَةٌ

فَابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّ مَقْصُودَهُ تَعْيِينُ الْيَوْمِ الَّذِي يُصَامُ فِيهِ أَجَابَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ التَّاسِعُ وَقَوْلُهُ نَعَمْ بَعْدَ قَوْلِ السَّائِلِ أَهَكَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ بِمَعْنَى نَعَمْ هَكَذَا كَانَ يَصُومُ لَوْ بَقِيَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِ التاسع

وتأويل بن الْمُنِيرِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَصْبَحَ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا لَا يَحْتَمِلُهُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ

قُلْتُ وَتَأْوِيلُ الشَّوْكَانِيِّ أَيْضًا بَعِيدٌ فَتَفَكَّرْ

[٧٥٥] قَوْلُهُ (أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمَ الْعَاشِرِ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ

قَالَ في اللمعات مراتب صَوْمِ الْمُحَرَّمِ ثَلَاثَةٌ الْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الْعَاشِرِ وَيَوْمًا قَبْلَهُ وَيَوْمًا بَعْدَهُ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ وَثَانِيهَا أَنْ يَصُومَ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَثَالِثُهَا أَنْ يَصُومَ الْعَاشِرَ فَقَطْ

وَقَدْ جَاءَ فِي التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ أَحَادِيثُ وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلُوا صَوْمَ الْعَاشِرِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ مِنَ الْمَرَاتِبِ وَإِنْ كَانَ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي هَذِهِ أَيْضًا وَكَذَا لَا يُجْزِئُ التَّاسِعُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>