التَّطَوُّعِ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ كَانَ يَخْتَلِفُ فَكَانَ تَارَةً يَقُومُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَتَارَةً فِي وَسَطِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ كَمَا كَانَ يَصُومُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَتَارَةً مِنْ وَسَطِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ فَكَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرَاهُ فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ اللَّيْلِ قَائِمًا أَوْ فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ الشَّهْرِ صَائِمًا فَرَاقَبَهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُصَادِفَهُ قَامَ أَوْ صَامَ عَلَى وَفْقِ مَا أَرَادَ أَنْ يَرَاهُ هَذَا مَعْنَى الْخَبَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ وَلَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَوْعِبُ اللَّيْلَ قِيَامًا انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ
[٧٧٠] قَوْلُهُ (وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى) أَيِ الْعَدُوَّ وَزَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَإِذَا وَعَدَ لَمْ يُخْلِفْ قَالَ الْحَافِظُ وَلَمْ أَرَهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالْمَقَامِ وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ خَشْيَتُهُ أَنْ يَعْجِزَ عَنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ فَيَكُونُ كَمَنْ وَعَدَ فَأَخْلَفَ كَمَا أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَكَانَ لَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى
إِشَارَةً إِلَى حِكْمَةِ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مُحَصَّلُ قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَتَعَبَّدْ عَبْدَهُ بِالصَّوْمِ خَاصَّةً بَلْ تَعَبَّدَهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَلَوِ اسْتَفْرَغَ جَهْدَهُ لَقَصَّرَ فِي غَيْرِهِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَادُ فِيهِ لِيَسْتَبْقِيَ بَعْضَ الْقُوَّةِ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ لَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى لِأَنَّهُ كَانَ يَتَقَوَّى بِالْفِطْرِ لِأَجْلِ الْجِهَادِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ
قَوْلُهُ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الصِّيَامِ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا وَيُفْطِرَ يَوْمًا وَيُقَالُ هَذَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute