للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (وَأَجْمَعُوا عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَخْرُجُ لِقَضَاءِ حاجته للغائط والبول) وكذا لغسل الجناية أن لَا يُمْكِنُهُ الِاغْتَسَالُ فِي الْمَسْجِدِ (فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَعُودَ الْمَرِيضَ وَيُشَيِّعَ الْجَنَازَةَ وَيَشْهَدَ الْجُمُعَةَ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ اعْتِكَافِهِ (وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وبن الْمُبَارَكِ) وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ كَمَا بَيَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا بَعْدُ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ إَنْ شَرَطَ شَيْئًا مَنْ ذَلِكَ يَعْنِي عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعَ الْجَنَازَةِ وَشُهُودَ الْجُمُعُةِ لَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ بِفِعْلِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ انْتَهَى

قُلْتُ قَوْلُهُمْ هَذَا مُحْتَاجٌ إِلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ (وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا) وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِا يَقُولُ فِيهِ السُّنَّةُ

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلُمٌ وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِيَنٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمُ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا بَأْسَ بِرِجَالِهِ إَلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ وَقْفُ آخِرِهِ وَقَالَ فيِ فَتْحِ البَارِي وَجَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَوْلُهَا لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَمَا عَدَاهُ مِمَّنْ دُونَهَا وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إِنْ شَهِدَ الْمُعْتَكِفُ جَنَازَةً أَوْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وبن الْمُنْذِرِ إِلَّا فيِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى

يَعْنِي أَنَّ الْكُوفِييِّنَ يَقُولُونَ إِذَا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِلْجُمُعَةِ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ أَوْ عَادَ مَرِيضًا يَبْطُلْ

قَالَ صَاحَبُ شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَوْ لِلْجُمُعَةِ وَقْتَ الزَّوَالِ انْتَهَى

وَقَالَ الْأَمِيرُ الْيَمَانِيُّ فِي سُبُلِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتِ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يعود مريضا إِلَخ مَا لَفْظُهُ فِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِشَيءٍ مَمَّا عَيَّنَتْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَأَيْضًا لَا يَخْرُجُ لِشُهُودِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَبِيرٌ وَلَكِنَّ الدَّلِيلَ قَائِمٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى كَلَامُ الْأَمِيرِ

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلَّا مَارًّا فِي اعْتِكَافِهِ وَلَا يَعْرُجُ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>