[٨٣٢] قَوْلُهُ (وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ) وَهُوَ مَوْضِعٌ بِحِذَاءِ ذَاتِ الْعِرْقِ مِمَّا وَرَاءَهُ وَقِيلَ دَاخِلٌ فِي حَدِّ ذَاتِ الْعِرْقِ وَأَصْلُهُ كُلُّ مَسِيلٍ شَقَّهُ السَّيْلُ فَوَسَّعَهُ مِنَ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَالشَّقُّ
وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَشْرِقِ مَنْ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الْحَرَمِ مِنْ شَرْقِيِّ مَكَّةَ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ الشَّرْقِ وَهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمَعْنَى حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيَّنَ لِإِحْرَامِ أَهْلِ المشرق العقيق
قوله (هذا حديث حسن) قال الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا وَفِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ الْمَهْلِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى الْجُحْفَةُ وَمَهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ الْحَدِيثَ
فَيَثْبُتُ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مِيقَاتَ أَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتُ عِرْقٍ
وَيَثْبُتُ مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ الْعَقِيقُ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا إِنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مِيقَاتُ الْوُجُوبِ وَالْعَقِيقَ مِيقَاتُ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ
وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقِيقَ مِيقَاتُ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُمْ أَهْلُ الْمَدَائِنِ وَالْآخَرُ مِيقَاتٌ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لِأَنَسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
وَمِنْهَا أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِ الْعَقِيقِ الْآنَ ثُمَّ حُوِّلَتْ وَقُرِّبَتْ إِلَى مَكَّةَ فَذَاتُ عِرْقٍ وَالْعَقِيقُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَيَتَعَيَّنُ الْإِحْرَامُ مِنَ الْعَقِيقِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَإِنَّمَا قَالُوا يُسْتَحَبُّ احْتِيَاطًا انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عن طريقتنا وإنا إن أردنا قرن شَقَّ عَلَيْنَا
قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ
فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ انْتَهَى
وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شراح البخاري وهما سرتا