للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ جَلَدَهُمْ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أجلد من كذا وكذا

قال بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ فَمَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جابر هذا

لأن حديث بن عَبَّاسٍ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَحَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهَذَا الْمُتَأَخِّرِ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ

وَقِيلَ فِي وَجْهِ اسْتِمْرَارِ شَرْعِيَّةِ الرَّمَلِ مَعَ زَوَالِ سَبَبِهِ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ إِذَا فَعَلَهُ تَذَكَّرَ السَّبَبَ الْبَاعِثَ عَلَى ذَلِكَ فَيَتَذَكَّرُ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى إِعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ

قَوْلُهُ (وفي الباب عن بن عمر) أخرجه مسلم

قوله (حديث جابر حسن صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

قَوْلُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تَرَكَ الرَّمَلَ عَمْدًا فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عليه) قال النووي مذهب بن عَبَّاسٍ أَنَّ الرَّمَلَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَخَالَفَهُ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَقَالُوا هُوَ سُنَّةٌ فِي الطَّوْفَاتِ الثَّلَاثِ مِنَ السَّبْعِ فَإِنْ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَفَاتَهُ فَضِيلَةٌ وَيَصِحُّ طَوَافُهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ (وَإِذَا لَمْ يَرْمُلْ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَرْمُلْ فِيمَا بَقِيَ) قَالَ الْحَافِظُ لَا يُشْرَعُ تَدَارُكُ الرَّمَلِ فَلَوْ تَرَكَهُ فِي الثَّلَاثِ لَمْ يَقْضِهِ فِي الْأَرْبَعِ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا السَّكِينَةُ فَلَا تُغَيَّرُ وَيَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ فَلَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ وَيَخْتَصُّ بِطَوَافٍ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِهِ بَيْنَ مَاشٍ وَرَاكِبٍ وَلَا دَمَ بِتَرْكِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَاخْتَلَفَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الشَّارِعَ رَمَلَ وَلَا مُشْرِكَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ يَعْنِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ إِلَّا أَنَّ تَارِكَهُ لَيْسَ تَارِكًا لِعَمَلٍ بَلْ لِهَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَانَ كَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ فَمَنْ لَبَّى خَافِضًا صَوْتَهُ لَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِلتَّلْبِيَةِ بَلْ لِصِفَتِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>