نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخُوكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابِهِ وَدِمَائِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَهِيدٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ وَأَنَا لَهُ شَهِيدٌ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ وفِي إِسْنَادِهِ سَلَامُ بْنُ أَبِي سَلَامٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ
وقَالَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ عَنْ سَلَامٍ الْمَذْكُورِ إِنَّمَا هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَامٍ انْتَهَى
وَزَيْدٌ ثِقَةٌ انْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَيْضًا لِمَنْ قَالَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَلَامٍ فَلَمْ أَقِفْ لِلْمَانِعِينَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى جَوَابٍ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِأَنَّهُ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّاهُ شَهِيدًا وَصَلَّى عَلَيْهِ
نَعَمْ لَوْ كَانَ النَّفْيُ عَامًّا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَقْعَةِ أُحُدٍ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْإِثْبَاتِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ لَكَانَ مُخْتَصًّا بِمَنْ قُتِلَ مِثْلَ صِفَتِهِ انْتَهَى
وأَمَّا حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فَهُوَ أَيْضًا مِنْ أَدِلَّةِ الْمُثْبِتِينَ فَإِنَّهُ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَسَمَّاهُ شَهِيدًا وَصَلَّى عَلَيْهِ
ولَكِنْ حَمَلَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ فِي الْمَعْرَكَةِ
قُلْتُ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الشَّهِيدِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَجُوزُ تَرْكُهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
ورَوَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الصَّلَاةُ عَلَى الشَّهِيدِ أَجْوَدُ وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ أَجْزَأَ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
واخْتَارَ الشَّوْكَانِيُّ الصَّلَاةَ عَلَى الشَّهِيدِ وَأَجَابَ عَنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ
فَائِدَةٌ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَدْ اخْتُلِفَ فِي الشَّهِيدِ الَّذِي وَقَعَ الْخِلَافُ فِي غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهِيدِ قَتِيلُ الْمَعْرَكَةِ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ مَنْ جُرِحَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَخَرَجَ بِحَرْبِ الْكُفَّارِ مَنْ مَاتَ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ كَأَهْلِ الْبَغْيِ وَخَرَجَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَنْ يُسَمَّى شَهِيدًا بِسَبَبٍ غَيْرِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ
ولَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ جَمَعَ هَذِهِ الْقُيُودَ شَهِيدٌ
ورُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ مَنْ جُرِحَ فِي المعركة إن مات قبل الإرتثات فَشَهِيدٌ وَالِارْتِثَاثُ أَنْ يُحْمَلَ وَيَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يُوصِيَ أَوْ يَبْقَى فِي الْمَعْرَكَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَيًّا
وذَهَبَتِ الْهَادَوِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ جُرِحَ فِي الْمَعْرَكَةِ يُقَالُ لَهُ شَهِيدٌ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الِارْتِثَاثِ وَأَمَّا مَنْ قُتِلَ مُدَافِعًا عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فِي الْمِصرِ ظُلْمًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِنَّهُ شَهِيدٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّهُ وَإِنْ قِيلَ لَهُ شَهِيدٌ فَلَيْسَ مِنَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ لَا يُغَسَّلُونَ
وذَهَبَتِ العترة والحنفية والشافعي في قوله له إن قتيل البغاة شهيد
قالوا إذا لَمْ يُغَسِّلْ عَلِيٌّ أَصْحَابَهُ وَهُوَ تَوْقِيفٌ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ