قوله (حديث بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ (وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) سَوَاءٌ صُلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ انْتَهَى
واسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ) قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَمَنَعَهُ النَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَنْهُمْ إِنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ شُرِعَ وَإِلَّا فَلَا
وأَجَابُوا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ
قَالُوا صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لتنوير القبر
وقالا يُوجَدُ فِي صَلَاةِ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ الصَّلَاةُ على القبر مشروعا
وأجاب بن حِبَّانَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي تَرْكِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ بَيَانُ جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ
وتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا لِلْأَصَالَةِ
ومِنْ جُمْلَةِ مَا أَجَابَ بِهِ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّهَا مُدْرَجَةٌ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَهِيَ مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ بَيَّنَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْمَدْرَجِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ انْتَهَى
قُلْتُ وَقَعَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ قَالَ لَا يَمُوتُ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا يَعْنِي آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي لَهُ رَحْمَةٌ
وَهَذَا لَيْسَ بِمُرْسَلٍ وَأَجَابَ الشَّوْكَانِيُّ بِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ لا يثبب إِلَّا بِدَلِيلٍ وَمُجَرَّدُ كَوْنِ اللَّهِ يُنَوِّرُ الْقُبُورَ بِصَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِهَا لَا يَنْفِي مَشْرُوعِيَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ لِغَيْرِهِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي انْتَهَى
قَوْلُهُ (وقال بْنُ الْمُبَارَكِ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ إِلَخْ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فَفَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الثَّابِتُ بِالْأَدِلَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ بَاقٍ وَجَعْلُ الدَّفْنِ مُسْقِطًا لِهَذَا الْفَرْضِ مُحْتَاجٌ إِلَى دَلِيلٍ
قَالَ وقد استدل بحديث الباب يعني حديث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ عَلَى رَدِّ قَوْلِ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ لَا مَنْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَرَدَتْ فِيمَنْ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَالْمُفَصِّلُ هُوَ بَعْضُ المانعين