للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ فِعْلُهُ الْأَخِيرُ قَرِينَةً فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ النَّدْبُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَسْخًا لِلْوُجُوبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْمَجَازِ يَعْنِي فِي الْأَمْرِ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْضَاوِيِّ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ يَدْفَعُهُ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْمٍ قَامُوا أَنْ يَجْلِسُوا ثُمَّ حَدَّثَهُمْ الْحَدِيثَ

ومِنْ ثَمَّ قَالَ بِكَرَاهَةِ الْقِيَامِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الشافعية

وقال بن حَزْمٍ قُعُودُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَمْرِهِ بِالْقِيَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسْخًا لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِنَهْيٍ أَوْ بِتَرْكٍ مَعَهُ نَهْيٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى النَّهْيِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ فَمَرَّ بِهِ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ هَكَذَا نَفْعَلُ فَقَالَ اجْلِسُوا وَخَالِفُوهُمْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِسْنَادُهُ ضَعِيفًا لَكَانَ حُجَّةً فِي النَّسْخِ انْتَهَى

قُلْتُ وَيَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ

قَوْلُهُ (وفي الباب عن الحسن بن علي وبن عَبَّاسٍ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ إِنَّ جِنَازَةً مَرَّتْ بِالْحَسَنِ بْنِ علي وبن عباس فقام الحسن ولم يقم بن عَبَّاسٍ فَقَالَ الْحَسَنُ أَلَيْسَ قَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِنَازَةِ يَهُودِيٍّ قال بن عَبَّاسٍ نَعَمْ ثُمَّ جَلَسَ

قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ قَعَدَ بَعْدُ

قَوْلُهُ (وَهَذَا الْحَدِيثُ نَاسِخٌ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا) وَيَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ وَتَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا وَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْمٍ قَامُوا أَنْ يَجْلِسُوا ثُمَّ حَدَّثَهُمْ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا (وَقَالَ أَحْمَدُ إِنْ شَاءَ قَامَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقُمْ إِلَخْ) فَعِنْدَ أَحْمَدَ حَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا لَيْسَ بِنَاسِخٍ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ

قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْجَالِسِ أَنْ يَقُومَ إِذَا رَأَى الْجِنَازَةَ حَتَّى تُخَلِّفَهُ وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>