بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ يَحْتَمِلُ النَّهْيَ عَنِ الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا كَكِتَابِ اسْمِ صَاحِبِ الْقَبْرِ وَتَارِيخِ وَفَاتِهِ أَوْ كِتَابَةِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلتَّبَرُّكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُوطَأَ أَوْ يَسْقُطَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَصِيرَ تَحْتَ الْأَرْجُلِ
قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ تَخْرِيجِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ يَكْتُبُونَ عَلَى قُبُورِهِمْ وَهُوَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ وَلَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّهْيُ انْتَهَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِيهِ تَحْرِيمُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْقُبُورِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كِتَابَةِ اسْمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْقَبْرِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ اسْتَثْنَتِ الْهَادَوِيَّةُ رَسْمَ الِاسْمِ فَجَوَّزُوهُ لَا عَلَى وَجْهِ الزَّخْرَفَةِ قِيَاسًا عَلَى وَضْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ عَلَى قَبْرِ عُثْمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مِنَ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ وَقَدْ قَالَ بِهِ الْجُمْهُورُ لَا أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ كَمَا قَالَ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ وَلَكِنِ الشَّأْنُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْقِيَاسِ انْتَهَى (وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ وَفَصَّلَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِنْ كَانَ الْبِنَاءُ فِي مِلْكِ الْبَانِي فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ فَحَرَامٌ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَلَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ
وقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَأَيْتُ الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا يُبْنَى وَيَدُلُّ عَلَى الْهَدْمِ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْتَهَى
قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَأَرَادَ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدِيثَهُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ (وَأَنْ تُوطَأَ) أَيْ بِالْأَرْجُلِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ قَالَ فِي الْأَزْهَارِ وَالْوَطْءُ لِحَاجَةٍ كزيارة ودفن ميت لا يكره
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وفِي وَطْئِهِ لِلزِّيَارَةِ مَحْلُ بَحْثٍ انْتَهَى
وفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَنْ يَقْعُدَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ
وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ الْمُرَادُ بِالْقُعُودِ الْحَدَثُ
وقَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُعُودِ الْجُلُوسُ وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ الرِّوَايَةُ الْوَارِدَةُ بِلَفْظِ لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وفِي لَفْظِهِ نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي تَطْيِينِ الْقُبُورِ إِلَخْ) جَاءَ فِي تَطْيِينِ الْقُبُورِ رِوَايَتَانِ الْأُولَى مَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ النَّجَّارُ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ قَبْرُهُ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا وَطُيِّنَ بِطِينِ الْأَحْمَرِ من العرصة ذكره الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ ص