فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ والْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَاءَةِ مُؤَنُ النِّكَاحِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَا يُلَازِمُهَا والَّذِي حَمَلَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ قَالُوا وَالْعَاجِزُ عَنِ الْجِمَاعِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الصَّوْمِ لِدَفْعِ الشَّهْوَةِ فَوَجَبَ تَأْوِيلُ الْبَاءَةِ عَلَى الْمُؤَنِ انْتَهَى
كَلَامُ النَّوَوِيِّ مُلَخَّصًا فَإِنَّهُ أَيْ التَّزَوُّجُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ أَيْ أَخْفَضُ وَأَدْفَعُ لِعَيْنِ الْمُتَزَوِّجِ عَنِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَضِّ طَرْفِهِ أَيْ خَفْضِهِ وَكَفِّهِ وَأَحْصَنُ أَيْ أَحْفَظُ لِلْفَرْجِ أَيْ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْمَدِّ أَيْ كَسْرٌ لِشَهْوَتِهِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ وَدَقُّهُمَا لِتَضْعُفَ الْفُحُولَةُ فَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْمَ يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ وَيَدْفَعُ شَرَّ الْمَنِيِّ كَالْوِجَاءِ قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
قَوْلُهُ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إِلَخْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا السَّنَدِ وبِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ كِلَيْهِمَا وإِبْرَاهِيمُ هَذَا هُوَ النَّخَعِيُّ والْمُحَارِبِيُّ هَذَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ
تَنْبِيهٌ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِمْنَاءِ لِأَنَّهُ أَرْشَدَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ التَّزْوِيجِ إِلَى الصَّوْمِ الَّذِي يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ فَلَوْ كَانَ الِاسْتِمْنَاءُ مُبَاحًا لَكَانَ الْإِرْشَادُ إِلَيْهِ أَسْهَلَ وتُعُقِّبَ دَعْوَى كَوْنِهِ أَسْهَلَ لِأَنَّ التَّرْكَ أَسْهَلُ مِنَ الْفِعْلِ وقَدْ أَبَاحَ الِاسْتِمْنَاءَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وهُوَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَجْلِ تَسْكِينِ الشَّهْوَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قُلْتُ فِي الِاسْتِمْنَاءِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ عَلَى الْمُسْتَمْنِي بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَالْحَقُّ أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ فِعْلٌ حِرَامٌ لَا يَجُوزُ ارتكابه لِغَرَضِ تَسْكِينِ الشَّهْوَةِ وَلَا لِغَرَضٍ آخَرَ وَمَنْ أَبَاحَهُ لِأَجْلِ التَّسْكِينِ فَقَدْ غَفَلَ غَفْلَةً شَدِيدَةً وَلَمْ يَتَأَمَّلْ فِيمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute