خلق الله قال بن عَبَّاسٍ يَعْنِي بِذَلِكَ خَصْيَ الدَّوَابِّ وَكَذَا رُوِيَ عن بن عُمَرَ وَأَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي عِيَاضٍ وَقَتَادَةَ وَأَبِي صَالِحٍ وَالثَّوْرِيِّ وقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى
وقِيلَ الْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تغيير دين الله ففي تفسير بن كثير وقال بن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالْحَكَمُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَعَطَاءٌ الخرساني ولآمرنهم فليغيرن خلق الله يَعْنِي دِينَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا أَيْ لَا تُبَدِّلُوا فِطْرَةَ اللَّهِ وَدَعُوا النَّاسَ إِلَى فِطْرَتِهِمْ انْتَهَى
قُلْتُ لَوْ تَأَمَّلْتَ وَتَدَبَّرْتَ فِي الْآيَتَيْنِ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ الله في الآية الأولى هو تغيير الصورة وَأَنَّ الْمُرَادَ بِتَبْدِيلِ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ تَبْدِيلُ دِينِ اللَّهِ ويَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى هُوَ تَغْيِيرُ الصُّورَةِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ الْحَدِيثَ وقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ بِمَا وَرَدَ من أن رسول الله ضحى بكبشين موجوئين قَالُوا لَوْ كَانَ إِخْصَاءُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ حَرَامًا لَمَا ضَحَّى بِالْكَبْشِ الْمَوْجُوءِ الْبَتَّةَ وفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رِسَالَتِي إِرْشَادِ الْهَائِمِ إِلَى حُكْمِ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ
قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[١٠٨٢] قَوْلُهُ نَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ التَّبَتُّلُ الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وتَرْكُ النِّكَاحِ وامْرَأَةٌ بَتُولٌ مُنْقَطِعَةٌ عَنِ الرِّجَالِ لَا شَهْوَةَ لَهَا فِيهِمْ وبِهَا سُمِّيَتْ مَرْيَمُ أُمُّ الْمَسِيحِ عليهما السلام وسميت الفاطمة الْبَتُولُ لِانْقِطَاعِهَا عَنْ نِسَاءِ زَمَانِهَا فَضْلًا وَدَيْنًا وَحَسَبًا وقِيلَ لِانْقِطَاعِهَا عَنِ الدُّنْيَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قبلك الخ يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ سُنَّةِ الْمُرْسَلِينَ فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا أَصْلًا وقَدْ اسْتَدَلَّتْ عَائِشَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْعِ التَّبَتُّلِ رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَ قُلْتُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنِ التَّبَتُّلِ فَمَا تَرَيْنَ فِيهِ قَالَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute