إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِكْرًا عَلَى امْرَأَتِهِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَهُمَا بَعْدُ بِالْعَدْلِ إِلَخْ) وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالُوا
وهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وفِيهِ أَنَّ حَقَّ الزِّفَافِ ثَابِتٌ لِلْمَزْفُوفَةِ
وتَقَدَّمَ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَانَ لَهَا سَبْعُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا بِلَا قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إِنْ شَاءَتْ سَبْعًا وَيَقْضِي السَّبْعَ لِبَاقِي النِّسَاءِ وَإِنْ شَاءَتْ ثَلَاثًا وَلَا يَقْضِي
وهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ
وهُوَ الَّذِي ثَبَتَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
ومَنْ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثور وبن جَرِيرٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
ورَوَى الامام محمد في موطإه حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ وفِيهِ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ
قَالَتْ ثَلِّثْ
قَالَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا نَأْخُذُ يَنْبَغِي إِنْ سَبَّعَ عِنْدَهَا أَنْ يُسَبِّعَ عِنْدَهُنَّ لَا يَزِيدُ لَهَا عَلَيْهِنَّ شَيْئًا وَإِنْ ثَلَّثَ عِنْدَهَا يُثَلِّثُ عِنْدَهُنَّ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةُ مِنْ فُقَهَائِنَا انْتَهَى
قُلْتُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَدِيدَةِ وَالْقَدِيمَةِ وَلَا بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ بَلْ يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ
والِاسْتِدْلَالُ عَلَى هَذَا بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلِ الظَّاهِرُ مِنْهُ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ عَلَى مُوَطَّإِ مُحَمَّدٍ
وكَذَا الظَّاهِرُ مِنْ سَائِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ إِنْ شِئْتِ أَقَمْتُ عِنْدَكِ ثَلَاثًا خَالِصَةً لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي
قَالَتْ تُقِيمُ مَعِيَ ثَلَاثًا خَالِصَةً
وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ بِالظَّوَاهِرِ الْوَارِدَةِ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ
وأُجِيبُوا بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ مُخَصِّصَةٌ لِلظَّوَاهِرِ الْعَامَّةِ
والْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الرَّاجِحَ الظَّاهِرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ كَمَا تَرَكُوا الْعَمَلَ بِظَاهِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ كَذَلِكَ تَرَكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ
فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّخْيِيرِ لِلثَّيِّبِ بَيْنَ الثَّلَاثِ بِلَا قَضَاءٍ وَالسَّبْعِ مَعَ الْقَضَاءِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ
وقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا تَخْيِيرَ بَلْ لِلْبِكْرِ الْجَدِيدَةِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثلاث بدون التخيير والقضاء
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا يَعْنِي حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَرَكَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَنَسٍ انْتَهَى
وأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ وَاعْتَذَرَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الدَّالِّ صَرِيحًا عَلَى التَّخْيِيرِ بِأَنَّ مَالِكًا رَأَى ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ