للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسمراء على البر

كذا قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالسُّلْتُ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ ضَرْبٌ مِنَ الشَّعِيرِ لَا قِشْرَ لَهُ يَكُونُ فِي الْحِجَازِ

قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ كَذَا فِي التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ

قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْبَيْضَاءُ الْحِنْطَةُ وَهِيَ السَّمْرَاءُ أَيْضًا وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ انْتَهَى

وقَالَ السُّلْتُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّعِيرِ أَبْيَضُ لَا قِشْرَ لَهُ

وقِيلَ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْحِنْطَةِ

والْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْبَيْضَاءَ الْحِنْطَةُ انْتَهَى

وقَالَ فِي حَاشِيَةِ مُوَطَّإِ الْإِمَامِ مَالِكٍ الْبَيْضَاءُ نَوْعٌ مِنَ الْبُرِّ أَبْيَضُ وفِيهِ رَخَاوَةٌ تَكُونُ بِبِلَادِ مِصْرَ وَالسُّلْتُ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ لَا قِشْرَ لَهُ تَكُونُ فِي الْحِجَازِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ الْبَيْضَاءُ هُوَ الرَّطْبُ مِنَ السُّلْتِ

والْأَوَّلُ أَعْرَفُ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَلْيَقُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ مَوْضِعُ التَّشْبِيهِ مِنَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

ولَوِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ لَمْ يَصِحَّ التَّشْبِيهُ وفِي الْغَرِيبَيْنِ السُّلْتُ هُوَ حَبُّ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ لَا قِشْرَ لَهُ انْتَهَى

وفِي الْقَامُوسِ الْبَيْضَاءُ هُوَ الْحِنْطَةُ وَالرَّطْبُ مِنَ السُّلْتِ انْتَهَى

(فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْ وَتَفَكَّرْ (أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فَنَهَى عن ذلك قال الإمام محمد في موطإه بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَبِهَذَا نَأْخُذُ لَا خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ قَفِيزَ رُطَبٍ بِقَفِيزٍ مِنْ تَمْرٍ يَدًا بِيَدٍ

لِأَنَّ الرُّطَبَ يَنْقُصُ إِذَا جَفَّ فَيَصِيرُ أَقَلَّ مِنْ قَفِيزٍ فَلِذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ فِيهِ انْتَهَى

وبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَمَاثِلًا يَدًا بِيَدٍ كَانَ أَوْ نَسِيئَةً

وأَمَّا التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبُ بِالرُّطَبِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ لَا نَسِيئَةً وفِيهِ خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ جَوَّزَ بَيْعَ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ مُتَمَاثِلًا إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّ الرُّطَبَ تَمْرٌ وَبَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ جَائِزٌ مُتَمَاثِلًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ

وقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ سَأَلُوهُ عَنْ هَذَا وَكَانُوا أَشِدَّاءَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْخَبَرَ

فَقَالَ الرُّطَبُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَمْرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ تَمْرًا فَإِنْ كَانَ تَمْرًا جَازَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمْرًا جَازَ لِحَدِيثِ إِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ

فَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ مَدَارُهُ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ أَوْ قَالَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ

واسْتَحْسَنَ أَهْلُ الْحَدِيثِ هَذَا الطَّعْنَ مِنْهُ حتى قال بن الْمُبَارَكِ كَيْفَ يُقَالُ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَهُوَ يَقُولُ زَيْدٌ مِمَّنْ لَا يقبل حديثه قال بن الهمام في الفتح رد ترديده بأن ها هنا قِسْمًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ التَّمْرِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْآخَرِ كَالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِعَدَمِ تَسْوِيَةِ الْكَيْلِ بِهِمَا فَكَذَا الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ لَا يُسَوِّيهِمَا الْكَيْلُ وَإِنَّمَا يُسَوِّي فِي حَالِ اعْتِدَالِ الْبَدَلَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَجِفَّ الْآخَرُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُهُ وَيَعْتَبِرُ التَّسَاوِي حَالَ الْعَقْدِ

وعروض النقص بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْحَالِ إِذَا كَانَ مُوحِيهِ أَمْرًا خُلُقِيًّا وَهُوَ زِيَادَةُ الرُّطُوبَةِ بِخِلَافِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ فِي الْحَالِ يُحْكَمُ لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>