للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِيجَابِ الْبَيْعِ

فَإِذَا خَيَّرَهُ فَاخْتَارَ الْبَيْعَ إِلَخْ) قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ

فَقَالَ الْجُمْهُورُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ امْتِدَادِ الْخِيَارِ إِلَى التَّفَرُّقِ

والْمُرَادُ أَنَّهُمَا إِنِ اخْتَارَا إِمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ

فَقَدْ لَزِمَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَبَطَلَ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ فَالتَّقْدِيرُ إِلَّا الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى فِيهِ التَّخَايُرُ

قَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى تَرْجِيحِ هَذَا التَّأْوِيلِ وَأَبْطَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا سِوَاهُ

وغَلَّطُوا قَائِلَهُ

ورِوَايَةُ اللَّيْثِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا فِي تَرْجِيحِهِ قِيلَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ بِالتَّفَرُّقِ

وقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ فَيَشْتَرِطَا الْخِيَارَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَارُ بِالتَّفَرُّقِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَمْضِيَ المدة

حكاه بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ أَقَلُّ فِي الْإِضْمَارِ وفِيهِ أَقْوَالٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

[١٢٤٧] قَوْلُهُ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ خِيَارٍ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تُوجَدَ أَوْ تَحْدُثَ صَفْقَةُ خِيَارٍ وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ كَانَ نَاقِصَةٌ وَاسْمُهَا مُضْمِرٌ وَخَبَرُهَا صَفْقَةُ خِيَارٍ وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّفْقَةُ صَفْقَةَ خِيَارٍ

والْمُرَادُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ أَوِ افْسَخْهُ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا تَمَّ الْبَيْعُ وإن لم يتفرقا

قاله الشوكاني

وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُمَا بِالتَّفَرُّقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَيْعًا شُرِطَ فيه الخيار

وتفسير القارىء هَذَا خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ الشَّوْكَانِيُّ وَكِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ

وقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْإِضَافَةُ فِي صَفْقَةِ خِيَارٍ لِلْبَيَانِ فَإِنَّ الصَّفْقَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَيْعِ أَوْ لِلْعَهْدِ انْتَهَى

وقَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ أَنْ تُقَاتِلَ أَهْلَ صَفْقَتِكَ هُوَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ ثُمَّ يُقَاتِلَهُ لِأَنَّ الْمُتَعَاهِدَيْنِ يَضَعُ أَحَدُهُمَا يَدَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَبَايِعَانِ وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنِ التَّصْفِيقِ بِالْيَدَيْنِ انْتَهَى

(ولا يحل) أي في الورع قاله القارىء (لَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ) أَيْ بِالْبَدَنِ (خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ وَاسْتَدَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>