٧٢ - باب [١٣١٤] قَوْلُهُ (غَلَا السِّعْرُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ نرخ أَيْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ (سَعِّرْ لَنَا) أَمْرٌ من تسعير وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَ السُّلْطَانُ أَوْ نُوَّابُهُ أَوْ كُلُّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرَ أَهْلِ السُّوقِ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إِلَّا بِسِعْرِ كَذَا فَيَمْنَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ النُّقْصَانِ لِمَصْلَحَةٍ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ) بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ الْمَكْسُورَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ إِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُرَخِّصُ الْأَشْيَاءَ وَيُغْلِيهَا فَلَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ
ولِذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّسْعِيرُ انْتَهَى
(الْقَابِضُ الْبَاسِطُ) أَيْ مُضَيِّقُ الرِّزْقِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ كَيْفَ شَاءَ وَمُوَسِّعُهُ (وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ مَصْدَرُ ظَلَمَ وَاسْمُ مَا أُخِذَ مِنْكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ بِكَسْرِ لَامٍ وَفَتْحِهَا وَقَدْ يُنْكَرُ الْفَتْحُ انْتَهَى
وقَدْ اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ وَأَنَّهُ مَظْلِمَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ
والتَّسْعِيرُ حَجْرٌ عَلَيْهِمْ
والْإِمَامُ مَأْمُورٌ بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ نَظَرُهُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي بِرُخْصِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ فِي مَصْلَحَةِ الْبَائِعِ بِتَوفِيرِ الثَّمَنِ وَإِذَا تَقَابَلَ الْأَمْرَانِ وَجَبَ تَمْكِينُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمْ وَإِلْزَامِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ أَنْ يَبِيعَ بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِلَّا أن تكون تجارة عن تراض) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
ورُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّسْعِيرُ
وأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَالَةِ الْغَلَاءِ وَلَا حَالَةِ الرُّخْصِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلُوبِ وَغَيْرِهِ وَإِلَى ذَلِكَ مَالَ الْجُمْهُورُ
وفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ التَّسْعِيرِ فِي حَالَةِ الْغَلَاءِ
وظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا كَانَ قُوتًا لِلْآدَمِيِّ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَبَيْنَ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْإِدَامَاتِ وَسَائِرِ الْأَمْتِعَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو داود وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ
قَالَ الْحَافِظُ وإسناده على شرط مسلم وصححه أيضا بن حِبَّانَ
وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ
فَقَالَ بَلِ ادْعُوا اللَّهَ
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ
فَقَالَ بَلِ اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ
قَالَ الْحَافِظُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عند بن مَاجَهْ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ