عُمَرَ وَدِدْتُ أَنِّي سَلِمْتُ مِنَ الْخِلَافَةِ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي
الْكَفَافُ هُوَ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَهُوَ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ مَكْفُوفًا عَنِّي شَرُّهَا انْتَهَى
قَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ وَاجْتَهَدَ فِي تحري الحق واستفرغ جحده فِيهِ حَقِيقٌ أَنْ لَا يُثَابَ وَلَا يُعَاقَبَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَوَلِّيهِ وفِي مَعْنَاهُ أَنْشَدَ عَلَى أَنَّنِي رَاضٍ بِأَنْ أَحْمِلَ الْهَوَى وَأَخْلُصَ مِنْهُ لَا عَلَيَّ وَلَا لي
قَالَ وَالْحَرِيُّ إِنْ كَانَ اسْمَ فَاعِلٍ يَكُونُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ نَحْوَ بِحَسْبِكَ دِرْهَمٌ
أَيْ الْخَلِيقُ وَالْجَدِيرُ كَوْنُهُ مُنْقَلِبًا مِنْهُ كَفَافًا وَإِنْ جَعَلْتَهُ مَصْدَرًا فَهُوَ خَبَرٌ وَالْمُبْتَدَأُ مَا بَعْدَهُ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَوْنُهُ مُنْقَلِبًا ثَابِتٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ (فَمَا أَرْجُو) أَيْ فأي شيء أرجو (بعد ذلك) أي بعد ما سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ
وفِي الْمِشْكَاةِ فَمَا رَاجَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ
أَيْ فَمَا رَدَّ عُثْمَانُ الْكَلَامَ على بن عُمَرَ (وفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ) فِي التَّرْغِيبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوهَبٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ إذهب فكن قاضيا قال أو تعفيني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اذْهَبْ فَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ
قَالَ تُعْفِينِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا ذَهَبْتَ فَقَضَيْتَ
قَالَ لَا تَعْجَلْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول من عاذ بالله فقد عاد بِمَعَاذٍ قَالَ نَعَمْ
قَالَ فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا
قَالَ وَمَا يَمْنَعُكَ وَقَدْ كان أبوك يقضي قال لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَهْلِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَوْرِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِحَقٍّ أَوْ بِعَدْلٍ سَأَلَ التَّفَلُّتَ كَفَافًا فَمَا أَرْجُو مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ
رواه أبو يعلى وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ عَنْهُمَا وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ عِنْدِي بِمُتَّصِلٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُوهَبٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ انْتَهَى مَا فِي التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ ذَكَرهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ (حديث بن عمر حديث غريب) وأخرجه أبو يعلى وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مُطَوَّلًا كَمَا عَرَفْتَ (وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ عِنْدِي بِمُتَّصِلٍ) فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ موهب لم يسمع من عثمان رضي الله عَنْهُ كَمَا عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الْمُنْذِرِيِّ (وَعَبْدُ الْمَلِكِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْمُعْتَمِرُ هَذَا هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَجْهُولٌ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ذَكَرَهُ بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا