للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تنهض حجة بن شُبْرُمَةَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُعَارِضَةً لِلنَّصِّ بِالرَّأْيِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ

وقَدْ أَجَابَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّنْصِيصِ عَلَى الشَّيْءِ نَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ

قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ حَاصِلِ بَحْثِهِ هَذَا لَكِنَّ مُقْتَضَى ما يحثه إِنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ إِلَّا عِنْدَ فَقْدِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُمَا مِنَ الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ

وهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَصَحَّحَهُ الْحَنَابِلَةُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي الْحَقِّ بِشَاهِدَيْنِ فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَخَذَ حَقَّهُ وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ

وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْقُرْآنِ نَسْخٌ وَأَخْبَارُ الْآحَادِ لَا تَنْسَخُ الْمُتَوَاتِرَ وَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ مِنَ الْأَحَادِيثِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْخَبَرُ بِهَا مَشْهُورًا

وأُجِيبَ بِأَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ الْحُكْمِ وَلَا رَفْعَ هُنَا

وأَيْضًا فَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَهَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّسْخِ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ تَسْمِيَةَ الزِّيَادَةِ كَالتَّخْصِيصِ نَسْخًا اصْطِلَاحٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ لَكِنَّ تَخْصِيصَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وراء ذلكم وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْعَمَّةِ مَعَ بِنْتِ أَخِيهَا وَسَنَدُ الْإِجْمَاعِ فِي ذَلِكَ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ

وكَذَلِكَ قَطْعُ رِجْلِ السَّارِقِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ

وقَدْ أَخَذَ مَنْ رَدَّ الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِكَوْنِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ كُلُّهَا زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ كَالْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَالْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ وَمِنَ الْقَيْءِ وَاسْتِبْرَاءِ الْمَسْبِيَّةِ وَتَرْكِ قَطْعِ مَنْ سَرَقَ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ وَشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْوِلَادَةِ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالسَّيْفِ وَلَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ وَلَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُؤْكَلُ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ وَيَحْرُمُ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مِنَ الْقَتِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الزِّيَادَةَ عَلَى عُمُومِ الْكِتَابِ

وأَجَابُوا بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ أَحَادِيثُ شَهِيرَةٌ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا لشهرتها

فيقال لهم وأحاديث القضاة بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ رَوَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ نَفْسًا وفِيهَا مَا هُوَ صَحِيحٌ فَأَيُّ شُهْرَةٍ عَلَى هَذِهِ الشُّهْرَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ يَعْنِي وَالْمُخَالِفُ لِذَلِكَ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ كَذَا فِي النَّيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>