عِنْدَ تِلْكَ السِّنِّ قَدِ احْتَلَمَ فَلِذَلِكَ أَجَازَهُ
وتَجَاسَرَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إِنَّمَا رَدَّهُ لِضَعْفِهِ لَا لِسِنِّهِ
وإِنَّمَا أَجَازَهُ لِقُوَّتِهِ لَا لِبُلُوغِهِ
ويَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جريج ورواه أبو عوانة وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ
وهِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ لِجَلَالَةِ بن جُرَيْجٍ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ
وقَدْ صَرَّحَ فِيهَا بِالتَّحْدِيثِ فَانْتَفَى مَا يُخْشَى من تدليسه
وقد نص فيها لفظ بن عمر لقوله ولم يرني بلغت وبن عُمَرَ أَعْلَمُ بِمَا رُوِيَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي قِصَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَالُوا إِذَا اسْتَكْمَلَ الْغُلَامُ أَوْ الْجَارِيَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَ بَالِغًا
وبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا
وإِذَا احْتَلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ هَذَا الْمَبْلَغَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ
وكَذَلِكَ إِذَا حَاضَتِ الْجَارِيَةُ بَعْدَ تِسْعٍ وَلَا حَيْضَ وَلَا احْتِلَامَ قَبْلَ بُلُوغِ التِّسْعِ انْتَهَى
وقَالَ فِي الْهِدَايَةِ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ والإحبال والإنزال إذا وطىء
فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَحَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً وَبُلُوغُ الْجَارِيَةِ بِالْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ وَالْحَبَلِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَحَتَّى يَتِمَّ لَهَا سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً
وهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله
وقالا إِذَا تَمَّ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَقَدْ بَلَغَا
وهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى
قُلْتُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ الْغُلَامَ أَوْ الْجَارِيَةَ إِذَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَ بَالِغًا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ الْبَابِ قَوْلُهُ (فَالْإِنْبَاتُ يَعْنِي الْعَانَةَ) يُرِيدُ إِنْبَاتَ شَعْرِ الْعَانَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أبي سعيد بلفظ فكان يكشف عن مونزر الْمُرَاهِقِينَ فَمَنْ أَنْبَتَ مِنْهُمْ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ جُعِلَ فِي الذَّرَارِيِّ وفِي الْإِنْبَاتِ أَحَادِيثُ أُخْرَى مَذْكُورَةٌ فِي النَّيْلِ
وقَدِ اسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْبَاتَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِنْبَاتَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ
وتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَتْلَ مَنْ أَنْبَتَ لَيْسَ لِأَجْلِ التَّكْلِيفِ بَلْ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةً لِلضَّرَرِ كَقَتْلِ الْحَيَّةِ وَنَحْوِهَا
ورُدَّ هَذَا التَّعَقُّبُ بِأَنَّ الْقَتْلَ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا لِأَجْلِ الْكُفْرِ لَا