للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ

قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ بِالْمُعَاهَدَةِ مَنْ كَانَ لَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ شَرْعِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ مُسْلِمٍ

[١٤٠٣] قَوْلُهُ (أَلَا) حَرْفُ التَّنْبِيهِ (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدَةً) أَيْ رَجُلًا مُعَاهِدًا (لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الذِّمَّةُ وَالذِّمَامُ وَهُمَا بِمَعْنَى الْعَهْدِ وَالْأَمَانِ وَالضَّمَانِ وَالْحُرْمَةِ وَالْحَقِّ

وسُمِّيَ أَهْلَ الذِّمَّةِ لِدُخُولِهِمْ فِي عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَانِهِمْ انْتَهَى

(فَقَدْ أَخْفَرَ بذمة الله) قال في المجتمع خَفَرْتُهُ أَجَرْتُهُ وَحَفِظْتُهُ وَالْخِفَارَةُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ الذِّمَامُ وَأَخْفَرْتُهُ إِذَا أَنْقَضْتُ عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ وَهَمْزَتُهُ لِلسَّلْبِ (فَلَا يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ) أَيْ لَمْ يَشُمَّ رِيحَهَا يُقَالُ رَاحَ يَرِيحُ وَرَاحَ يَرَاحُ وَأَرَاحَ يُرِيحُ إِذَا وَجَدَ رَائِحَةَ الشَّيْءِ والثَّلَاثَةُ قَدْ رُوِيَ بِهَا الْحَدِيثُ

كَذَا فِي النِّهَايَةِ

قَالَ الْحَافِظُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ هُوَ أَجْوَدُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ

قَالَ وَالْمُرَادُ بِهَذَا النَّفْيِ وَإِنْ كَانَ عاما التخصيص بِزَمَانٍ مَا لِمَا تَعَاضَدَتِ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ وَالنَّقْلِيَّةُ أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ غَيْرُ مُخَلَّدٍ فِي النَّارِ وَمَآلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَلَوْ عُذِّبَ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى

(وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ عَامًا كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ

والْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَتُوجَدُ

قَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وفِي رِوَايَةٍ سَبْعِينَ عَامًا وفِي الْأُخْرَى مِائَةَ عَامٍ وفِي الْفِرْدَوْسِ أَلْفَ عَامٍ وَجُمِعَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَعْمَالِ وَتَفَاوُتِ الدَّرَجَاتِ فَيُدْرِكُهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ وَمَنْ شَاءَ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا وما بين ذلك

قاله بن العربي وغيره ذكره القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَقَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْكُلِّ طُولُ الْمَسَافَةِ لَا تَحْدِيدُهَا انْتَهَى

قُلْتُ ذَكَرَ الْحَافِظُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ وَذَكَرَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ خَمْسَ مِائَةِ عَامٍ وَوَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ ثم ذكر وجه الجمع عن بن بَطَّالٍ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْأَرْبَعِينَ أَقَلُّ زَمَنٍ يُدْرِكُ بِهِ رِيحَ الْجَنَّةِ مَنْ فِي الْمَوْقِفِ وَالسَّبْعِينَ فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ ذُكِرَتْ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْخَمْسُ مِائَةٍ ثُمَّ الْأَلْفُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَعْمَالِ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبُعْدَى أَفْضَلُ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنَ الْمَسَافَةِ الْقُرْبَى وَبُيِّنَ ذَلِكَ

وقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ثُمَّ رَأَيْتُ نَحْوَهُ في كلام بن الْعَرَبِيِّ وَنَقَلَ كَلَامَهُمَا فَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَارْجِعْ إِلَى الْفَتْحِ

قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْبُخَارِيِّ

قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وأخرجه بن ماجه

<<  <  ج: ص:  >  >>