للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن معمر عن الزهري عن سالم عن أَبِيهِ أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَغَلَّظَ عليه الدية

قال بن حَزْمٍ هَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا إِلَّا مَا رُوِينَاهُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يُقَارِبَهُ ثُمَّ أَلْحَقَهُ كِتَابًا

فَقَالَ لَا تَقْتُلُوهُ وَلَكِنِ اعْتَقِلُوهُ

وأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي أَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ فَلَيْسَ دَلِيلٌ صَرِيحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ

ومِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيُّ

وقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَمِنْ جُمْلَتِهِ حَدِيثُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ

قَالُوا إِنَّ قَوْلَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُسْلِمٌ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ كَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ

والْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَقَطْ بِدَلِيلِ جَعْلِهِ مُقَابِلًا لِلْمُعَاهَدِ لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ يُقْتَلُ بِمَنْ كَانَ مُعَاهَدًا مِثْلَهُ مِنَ الذِّمِّيِّينَ إِجْمَاعًا فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَيَّدَ الْكَافِرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالْحَرْبِيِّ كَمَا قُيِّدَ فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّ الصِّفَةَ بَعْدَ مُتَعَدِّدٍ تَرْجِعُ إِلَى الْجَمِيعِ اتِّفَاقًا فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ وَهَذَا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ الذِّمِّيِّ

ويُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ صِفَةٍ وَالْخِلَافُ فِي الْعَمَلِ بِهِ مَشْهُورٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ

ومِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ فَكَيْفَ يَصِحُّ احْتِجَاجُهُمْ بِهِ

عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَ الْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ يُقَدَّمُ الْمَنْطُوقُ وَقَدْ أُجِيبَ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَكَذَا الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَقَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ الْكَلَامَ فِي الْجَوَابِ عَنْ مُتَمَسَّكَاتِهِمُ الْأُخْرَى فعليك أن تراجع الفتح

٧ - قوله (حدثنا بن وَهْبٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُمْ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ ثِقَةٌ حَافِظٌ

[١٤١٣] قَوْلُهُ (قَالَ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا عَرَفْتَ

قَوْلُهُ (وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ إِلَخْ

(دِيَةُ عَقْلِ الْكَافِرِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُؤْمِنِ) وفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ عَقْلُ الْكَافِرِ بِحَذْفِ لَفْظِ الدِّيَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ الْعَقْلَ هُوَ الدِّيَةُ وفِي لَفْظٍ قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمُ اليهود والنصاري

رواه أحمد والنسائي وبن مَاجَهْ

وفِي رِوَايَةٍ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِ مِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ أهل الكتاب يؤمئذ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ

قَالَ وَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ قَالَ فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>