فَفِي الْجَنَّةِ وَإِنْ قَتَلْتَ فَفِي النَّارِ
وَأَمَّا حديث بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ أخرج أحمد والنسائي وأبو داود والبيهقي وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيَكَ عَنْهُ بِلَفْظِ وَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ
وفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ من حديث بن عُمَرَ مَا كَانَ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ
كَذَا في النيل
وأما حديث بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
اعْلَمْ أَنَّ الْحَافِظَ قَدْ تَعَقَّبَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنَ التَّلْخِيصِ مَنْ زَعَمَ أن حديث بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وقَالَ إِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ وفِي هَذَا التَّعَقُّبِ نَظَرٌ
فَإِنَّ الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وفِيهِ قِصَّةٌ وَقَدِ اعْتَرَفَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ بِأَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ من طريق بن عَمْرٍو وَذَكَرَ الْقِصَّةَ
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) وهو الحق لأحاديث الباب
(قال بن الْمُبَارَكِ يُقَاتِلُ عَنْ مَالِهِ وَلَوْ دِرْهَمَيْنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمَيْنِ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَجُوزُ مُقَاتَلَةُ مَنْ أَرَادَ أَخْذَ مَالِ إِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِذَا كَانَ الْأَخْذُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ وَالْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْمُقَاتَلَةَ وَاجِبَةٌ
وقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا تَجُوزُ إِذَا طَلَبَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ
ولَعَلَّ مُتَمَسَّكُ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمُقَاتَلَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ إِلَى مَنْ رَامَ غَصْبَهُ
وأَمَّا الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي الشَّيْءِ الْخَفِيفِ فَعُمُومُ أَحَادِيثِ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ فَلَا يَعْدِلُ الْمُدَافِعُ إِلَى الْقَتْلِ مَعَ إِمْكَانِ الدَّفْعِ بِدُونِهِ
ويَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنْشَادِ اللَّهِ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ وَكَمَا تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ عَلَى جَوَازِ الْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَخْذَ الْمَالِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ أَرَادَ إِرَاقَةَ الدَّمِ وَالْفِتْنَةَ في الدين والأهل
وحكى بن الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ أَوْ نَفْسُهُ أَوْ حَرِيمُهُ فَلَهُ الْمُقَاتَلَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ
قال بن الْمُنْذِرِ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ عَمَّا ذُكِرَ إِذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ إِلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ انْتَهَى
ويَدُلُّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ مَنْ كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
وحَمَلَ الْأَوْزَاعِيُّ أَحَادِيثَ